للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزدجرد من الذين يلقون من المسلمين من النهب والسبي. وقالوا: إن لم تنجدونا وإلا أعطينا ما بأيدينا وسلمنا إليهم الحصون. واجتمع رأي الفرس على إرسال رستم إليهم، فبعث إليه يزدجرد فأمره على الجيش فاستعفي رستم من ذلك، وقال: إن هذا ليس برأي في الحرب، إن إرسال الجيوش بعد الجيوش أشد على العرب من أن يكسروا جيشا كثيفا مرة واحدة. فأبى الملك إلا ذلك، فتجهز رستم للخروج. ثم بعث سعد كاشفا إلى الحيرة وإلى صلوبا فأتاه الخبر بأن الملك قد أمر على الحرب رستم بن الفرخزاذ الأرمني، وأمده بالعساكر. فكتب سعد إلى عمر بذلك فكتب إليه عمر: لا يكربنك ما يأتيك عنهم، ولا ما يأتونك به، واستعن بالله وتوكل عليه، وابعث إليه رجالا من أهل النظر والرأي والجلد يدعونه، فإن الله جاعل دعاءهم توهينا لهم وفلجا عليهم، واكتب إلي في كل يوم. ولما اقترب رستم بجيوشه وعسكر بساباط كتب سعد إلى عمر يقول: إن رستم قد عسكر بساباط وجر الخيول والفيول وزحف علينا بها، وليس شئ أهم عندي، ولا أكثر ذكرا مني لما أحببت أن أكون عليه من الاستعانة والتوكل. وعبأ رستم فجعل على المقدمة وهي أربعون ألفا الجالنوس، وعلى الميمنة الهرمزان، وعلى الميسرة مهران بن بهرام وذلك ستون ألفا، وعلى الساقة البندران (١) في عشرين ألفا، فالجيش كله ثمانون ألفا فيما ذكره سيف وغيره. وفي رواية: كان رستم في مائة ألف وعشرين ألفا، يتبعها ثمانون ألفا، وكان معه ثلاثة وثلاثون فيلا منها فيل أبيض كان لسابور، فهو أعظمها وأقدمها، وكانت الفيلة تألفه. ثم بعث سعد جماعة من السادات منهم النعمان بن مقرن، وفرات بن حبان (٢)، وحنظلة بن الربيع التميمي، وعطارد بن حاجب، والأشعث بن قيس، والمغيرة بن شعبة، وعمرو بن معدي كرب (٣)، يدعون رستم إلى الله ﷿. فقال لهم رستم: ما أقدمكم؟ فقالوا: جئنا لموعود الله إيانا، أخذ بلادكم وسبي نسائكم وأبنائكم وأخذ أموالكم، فنحن على يقين من ذلك، وقد رأى رستم في منامه كأن ملكا نزل من السماء فختم على سلاح الفرس كله ودفعه إلى رسول الله فدفعه رسول الله إلى عمر. وذكر سيف بن عمر أن رستم طاول سعدا في اللقاء حتى كان بين خروجه من المدائن وملتقاه سعدا بالقادسية أربعة أشهر كل ذلك لعله يضجر سعدا ومن معه ليرجعوا، ولولا أن الملك استعجله ما التقاه، لما يعلم من غلبة المسلمين لهم ونصرهم عليهم، لما رأى في منامه، ولما


(١) في الطبري: البيرزان.
(٢) في الطبري والفتوح لابن الأعثم حيان العجلي.
(٣) زاد الطبري: بسر بن أبي رهم وجملة بن جوية الكناني وعدي بن سهيل والمغيرة بن زرارة بن النباش بن حبيب والحارث بن حسان وعاصم بن عمرو والمعنى بن حارثة. أما ابن الأعثم فذكر: عمرو بن معد يكرب الزبيدي وطليحة بن خويلد الأسدي وجرير بن عبد الله البجلي والمغيرة بن شعبة الثقفي وعاصم بن عمرو التميمي وشرحبيل بن السمط الكندي والمنذر بن حسان الضبي وفرات بن حيان العجلي وإبراهيم بن حارثة الشيباني.
١/ ١٩٦ وانظر الكامل ٢/ ٤٥٦

<<  <  ج: ص:  >  >>