للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَمَلَ عَلَيْهِ عَمْرٌو فَاعْتَنَقَهُ فَذَبَحَهُ فَاسْتَلَبَهُ سُوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ، وَمِنْطَقَةً مِنْ ذَهَبٍ، وَيَلْمَقًا مِنْ دِيبَاجٍ.

قَالَ: وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ سِتَّةَ آلَافٍ أَوْ سبعة آلاف، فقتل الله رستماً وَكَانَ الَّذِي قَتَلَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ هِلَالُ ابن علقمة التميمي (١) ، رَمَاهُ رُسْتُمُ بِنُشَّابَةٍ فَأَصَابَ قَدَمَهُ وَحَمَلَ عَلَيْهِ هِلَالٌ فَقَتَلَهُ وَاحْتَزَّ رَأْسَهُ وَوَلَّتِ الْفُرْسُ فَأَتْبَعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ يُقَتِّلُونَهُمْ فَأَدْرَكُوهُمْ فِي مَكَانٍ قَدْ نَزَلُوا فِيهِ وَاطْمَأَنُّوا، فَبَيْنَمَا هُمْ سُكَارَى قَدْ شَرِبُوا وَلَعِبُوا إِذْ هَجَمَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ فَقَتَلُوا مِنْهُمْ مقتلة عظيمة، وقتل هنالك الجالينوس، قَتَلَهُ زُهْرَةُ بْنُ حَوِيَّةَ التَّمِيمِيُّ.

ثُمَّ سَارُوا خَلْفَهُمْ فَكُلَّمَا تَوَاجَهَ الْفَرِيقَانِ نَصَرَ اللَّهُ حِزْبَ الرَّحْمَنِ، وَخَذَلَ حِزْبَ الشَّيْطَانِ وَعَبَدَةَ النِّيرَانِ، وَاحْتَازَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْأَمْوَالِ مَا يَعْجَزُ عَنْ حَصْرِهِ مِيزَانٌ وَقَبَّانٌ، حَتَّى إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَنْ يُقَايِضُ بَيْضَاءَ بِصَفْرَاءَ لِكَثْرَةِ مَا غَنِمُوا مِنَ الْفُرْسَانِ.

وَلَمْ يَزَالُوا يَتْبَعُونَهُمْ حَتَّى جَازُوا الْفُرَاتَ وَرَاءَهُمْ وَفَتَحُوا الْمَدَائِنَ وَجَلُولَاءَ عَلَى مَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهِ الثِّقَةُ.

وَقَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ أُمِّ كَثِيرٍ امْرَأَةِ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ النَّخَعِيِّ قَالَتْ: شَهِدْنَا الْقَادِسِيَّةَ مَعَ سَعْدٍ مَعَ أَزْوَاجِنَا، فَلَمَّا أَتَانَا أَنْ قَدْ فُرِغَ مِنَ النَّاسِ، شَدَدْنَا عَلَيْنَا ثِيَابَنَا وَأَخَذْنَا الْهَرَاوَى ثُمَّ أَتَيْنَا الْقَتْلَى، فَمَنْ كَانَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سَقَيْنَاهُ وَرَفَعْنَاهُ، وَمَنْ كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَجْهَزْنَا عَلَيْهِ، وَمَعَنَا الصِّبْيَانُ فَنُوَلِّيهِمْ ذَلِكَ - تَعْنِي اسْتِلَابَهُمْ - لِئَلَّا يَكْشِفْنَ عَنْ عَوْرَاتِ الرِّجَالِ.

وَقَالَ سَيْفٌ بِأَسَانِيدِهِ عَنْ شُيُوخِهِ قَالُوا: وَكَتَبَ سَعْدٌ إِلَى عُمَرَ يُخْبِرُهُ بِالْفَتْحِ وَبِعِدَّةِ مَنْ قَتَلُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

وَبِعِدَّةِ مَنْ قُتِلَ من المسلمين، بعث بِالْكِتَابِ مَعَ سَعْدِ بْنِ عُمَيْلَةَ الْفَزَّارِيِّ (٢) وَصُورَتُهُ " أَمَّا

بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ نَصَرَنَا عَلَى أَهْلِ فارس ومنحناهم سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ مِنْ أَهْلِ دِينِهِمْ، بَعْدَ قِتَالٍ طَوِيلٍ، وَزِلْزَالٍ شَدِيدٍ، وَقَدْ لَقُوا المسلمين بعدة لم ير الراؤن مِثْلَ زُهَائِهَا، فَلَمْ يَنْفَعْهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ، بَلْ سُلِبُوهُ وَنَقَلَهُ عَنْهُمْ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَتْبَعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْأَنْهَارِ، وَصُفُوفِ (٣) الْآجَامِ، وَفِي الْفِجَاحِ.

وَأُصِيبَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سَعْدُ بْنُ عُبَيْدِ الْقَارِّيُّ (٤) وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ، وَرِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ، فَإِنَّهُ بِهِمْ عَالِمٌ كَانُوا يُدَوُّونَ بِالْقُرْآنِ إِذَا جَنَّ عَلَيْهِمُ اللَّيْلُ كَدَوِيِّ النَّحْلِ، وَهُمْ آسَادٌ فِي النَّهَارِ لَا تُشْبِهُهُمُ الْأُسُودُ، وَلَمْ يُفَضُلْ مَنْ مَضَى مِنْهُمْ مَنْ بَقِيَ إِلَّا بِفَضْلِ الشَّهَادَةِ إِذَا لَمْ تُكْتَبُ لَهُمْ.

فَيُقَالُ إِنَّ عُمَرَ قَرَأَ هَذِهِ الْبِشَارَةَ عَلَى النَّاسِ فَوْقَ الْمِنْبَرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

ثُمَّ قَالَ عُمَرُ لِلنَّاسِ: إِنِّي حَرِيصٌ عَلَى أَنْ لَا أَرَى حَاجَةً إِلَّا سَدَدْتُهَا، مَا اتَّسَعَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ، فَإِذَا عَجَزَ ذَلِكَ عَنَّا تَأَسَّيْنَا فِي


(١) في رواية الطبري عن ابن إسحاق: هلال بن علفة التيمي.
(٢) في فتوح الشام للواقدي ٢ / ١٩٣ سماه نوفل ولم ينسبه، وفي الطبري والكامل فكالاصل.
(٣) في الطبري: وعلى طفوف.
(٤) في الطبري: القارئ، وفي فتوح البلدان: الانصاري واغتم عمر لمصابه وقال: لقد كاد قتله ينغض علي هذا الفتح ٢ / ٣٢٦.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>