للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علقمة بن مرثد قال: سمعت العيزار بن جرول سمعت سويد بن غفلة قال: " قال علي: أيها الناس! إياكم والغلو في عثمان تقولون حرق المصاحف، والله ما حرقها إلا عن ملا من أصحاب محمد ، ولو وليت مثل ما ولي لفعلت مثل الذي فعل (١) " وقد روي عن ابن مسعود أنه تعتب لما أخذ منه مصحفه فحرق، وتكلم في تقدم إسلامه على زيد بن ثابت الذي كتب المصاحف، وأمر أصحابه أن يغلوا مصاحفهم، وتلا قوله تعالى … (ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة)[آل عمران: ١٦١] فكتب إليه عثمان يدعوه إلى اتباع الصحابة فيما أجمعوا عليه من المصلحة في ذلك، وجمع الكلمة، وعدم الاختلاف، فأناب وأجاب إلى المتابعة وترك المخالفة أجمعين.

وقد قال أبو إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد أن عبد الله بن مسعود دخل مسجد منى فقال: كم صلى أمير المؤمنين الظهر؟ قالوا: أربعا، فصلى ابن مسعود أربعا فقالوا: ألم تحدثنا أن رسول الله وأبا بكر وعمر صلوا ركعتين؟ فقال: نعم! وأنا أحدثكموه الآن، ولكني أكره الاختلاف. وفي الصحيح أن ابن مسعود قال: ليت حظي من أربع ركعات ركعتين متقبلتين. وقال الأعمش: حدثني معاوية بن قرة - بواسط - عن أشياخه قالوا: صلى عثمان الظهر بمنى أربعا فبلغ ذلك ابن مسعود فعاب عليه، ثم صلى بأصحابه العصر في رحله أربعا، فقيل له: عتبت على عثمان وصليت أربعا؟ فقال: إني أكره الخلاف. وفي رواية الخلاف شر فإذا كان هذا متباعة من ابن مسعود إلى عثمان في هذا الفرع فكيف بمتابعته إياه في أصل القرآن؟ والاقتداء به في التلاوة التي عزم على الناس أن يقرأوا بها لا بغيرها؟ وقد حكى الزهري وغيره أن عثمان إنما أتم خشية على الاعراب أن يعتقدوا أن فرض الصلاة ركعتان، وقيل بل قد تأهل بمكة، فروى يعلى وغيره من حديث عكرمة بن إبراهيم حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي ذباب عن أبيه أن عثمان صلى بهم بمنى أربع ركعات، ثم أقبل عليهم فقال: إني سمعت رسول الله يقول: " إذا تزوج الرجل ببلد فهو من أهله " وإني أتممت لأني تزوجت بها منذ قدمتها. وهذا الحديث لا يصح، وقد تزوج رسول الله في عمرة القضاء بميمونة بنت الحارث ولم يتم الصلاة، وقد قيل إن عثمان تأول أنه أمير المؤمنين حيث كان وهكذا تأولت عائشة فأتمت، وفي هذا التأويل نظر، فإن رسول الله هو رسول الله حيث كان، ومع هذا ما أتم الصلاة في الاسفار. ومما كان يعتمده عثمان بن عفان أنه كان يلزم عماله بحضور الموسم كل عام، ويكتب إلى الرعايا: من كانت له عند أحد منهم مظلمة فليواف إلى الموسم فإني آخذ له حقه من عامله، وكان عثمان قد سمح لكثير من كبار الصحابة في المسير حيث شاؤوا من البلاد، وكان عمر يحجر عليهم في ذلك، حتى ولا في الغزو، ويقول: إني أخاف أن تروا الدنيا وأن يراكم أبناؤها، فلما خرجوا في زمان


(١) رواه أبو بكر السجستاني في المصاحف مطولا ٢٩ - ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>