للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الراشدين وكان رجلا آدم شديد الأدمة أشكل (١) العينين عظيمهما، ذو بطن، أصلع، وهو إلى القصر أقرب وكان عظيم اللحية، قد ملأت صدره ومنكبيه، أبيضها، وكان كثير شعر الصدر والكتفين، حسن الوجه، ضحوك السن، خفيف المشي على الأرض … أسلم علي قديما، وهو ابن سبع وقيل ابن ثمان، وقيل تسع، وقيل عشر، وقيل أحد عشر، وقيل اثني عشر، وقيل ثلاثة عشر، وقيل أربع عشرة، وقيل ابن خمس عشرة، أو ست عشرة سنة قاله عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن الحسن، ويقال إنه أول من أسلم والصحيح أنه أول من أسلم من الغلمان، كما أن خديجة أول من أسلمت من النساء، وزيد بن حارثة أول من أسلم من الموالي، وأبو بكر الصديق أول من أسلم من الرجال الأحرار، وكان سبب اسلام علي صغيرا أنه كان في كفالة رسول الله ، لأنه كان قد أصابتهم سنة مجاعة، فأخذه من أبيه، فكان عنده، فلما بعثه الله بالحق آمنت خديجة وأهل البيت ومن جملتهم علي، وكان الايمان النافع المتعدي نفعه إلى الناس إيمان الصديق . وقد ورد عن علي أنه قال: أنا أول من أسلم ولا يصح إسناده إليه. وقد روي في هذا المعنى أحاديث أوردها ابن عساكر كثيرة منكرة لا يصح شئ منها والله أعلم. وقد روى الإمام أحمد: من حديث شعبة، عن عمرو بن مرة سمعت أبا حمزة - رجلا من موالي الأنصار - قال سمعت زيد بن أرقم يقول: أول من أسلم مع رسول الله علي … وفي رواية أول من صلى. قال عمرو: فذكرت ذلك للنخعي فأنكره، وقال أبو بكر: أول من أسلم … وقال محمد بن كعب القرظي: أول من آمن من النساء خديجة وأول رجلين آمنا أبو بكر وعلي ولكن كان أبو بكر يظهر إيمانه وعلي يكتم إيمانه، قلت: يعني خوفا من أبيه، ثم أمره أبوه بمتابعة ابن عمه ونصرته، وهاجر علي بعد خروج رسول الله من مكة وكان قد أمره بقضاء ديونه ورد ودائعه، ثم يلحق به، فامتثل ما أمره به، ثم هاجر، وآخى النبي بينه وبين سهل بن حنيف، وذكر ابن إسحاق وغيره من أهل السير والمغازي أن رسول الله آخى بينه وبين نفسه، وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة لا يصح شئ منها لضعف أسانيدها، وركة بعض متونها، فإن في بعضها " أنت أخي ووارثي وخليفتي وخير من أمر بعدي " وهذا الحديث موضوع مخالف لما ثبت في الصحيحين وغيرهما والله أعلم … وقد شهد علي بدرا وكانت له اليد البيضاء فيها، بارز يومئذ فغلب وظهر وفيه وفي عمه حمزة وابن عمه عبيدة بن الحارث وخصوصهم الثلاثة - عتبة وشيبة والوليد بن عتبة - نزل قوله تعالى … (هذان خصمان اختصموا في ربهم)[الحج: ١٩] الآية. وقال الحكم وغيره عن مقسم عن ابن عباس قال: " دفع النبي الراية يوم بدر إلى علي وهو ابن عشرين سنة " وقال الحسن بن عرفة: حدثني عمار بن محمد عن سعيد بن محمد الحنظلي عن أبي جعفر محمد بن علي قال: نادى مناد في السماء يوم بدر يقال له رضوان لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي. قال ابن عساكر وهذا مرسل وإنما تنفل رسول الله سيفه ذا الفقار يوم بدر ثم


(١) في الطبري وابن سعد: ثقيل العينين، وعن أبي الحجاج: كان فيهما أثر الكحل.

<<  <  ج: ص:  >  >>