للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَمَامَ وَيَكْسِرُ الْجُلَاهِقَاتِ] (١) - وَهِيَ قِسِيُّ الْبُنْدُقِ - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: " أَنْبَأَنَا الْقَعْنَبِيُّ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلَالٍ عَنْ جَدَّتِهِ - وَكَانَتْ تَدْخُلُ عَلَى عُثْمَانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ - فَوَلَدَتْ هِلَالًا، فَفَقَدَهَا يَوْمًا فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا قَدْ وَلَدَتْ هَذِهِ اللَّيْلَةَ غُلَامًا، قَالَتْ: فَأَرْسَلَ إِلَيَّ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَشُقَيْقَةً سُنْبُلَانِيَّةً، وَقَالَ: هَذَا عَطَاءُ ابْنِكِ وَكِسْوَتُهُ، فَإِذَا مَرَّتْ بِهِ سَنَةٌ رَفَعْنَاهُ إِلَى مِائَةٍ " وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عن محمد بن سلام عن ابن بكار، قَالَ: قَالَ ابْنُ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعِ بْنِ عتكة الْمَخْزُومِيُّ: انْطَلَقْتُ وَأَنَا غُلَامٌ فِي الظَّهِيرَةِ وَمَعِي طير أرسله في المسجد، والمسجد بيننا، فَإِذَا شَيْخٌ جَمِيلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ نَائِمٌ، تَحْتَ رَأْسِهِ لَبِنَةٌ أَوْ بَعْضُ لَبِنَةٍ، فَقُمْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ أَتَعَجَّبُ مِنْ جَمَالِهِ، فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ فَقَالَ: من أنت يا غلام؟ فأخبرته، فإذا غلام نائم قريباً منه فدعاه فَلَمْ يَجُبْهُ، فَقَالَ لِيَ: ادْعُهُ! فَدَعَوْتُهُ فَأَمَرَهُ بشئ وقال لي: اقعد! فَذَهَبَ الْغُلَامُ فَجَاءَ بِحُلَّةٍ وَجَاءَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَنَزَعَ ثُوبِي وَأَلْبَسَنِي الْحُلَّةَ؟ وَجَعَلَ الْأَلْفَ دِرْهَمٍ فِيهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى أَبِي فَأَخْبَرْتُهُ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكَ؟ فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي إِلَّا أَنَّهُ رَجُلٌ فِي الْمَسْجِدِ نَائِمٌ لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ، قَالَ: ذَاكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ

عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ " وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ خصيفة عن أبي السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ " أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَبْدَ الرحمن بن عثمان التميمي أهي صلاة طلحة بن عبيد الله عَنْ صَلَاةِ عُثْمَانَ قَالَ: نَعَمْ! قَالَ: قُلْتُ لَأَغْلِبَنَّ اللَّيْلَةَ النَّفَرَ عَلَى الْحَجَرِ - يَعْنِي الْمَقَامَ - فلما قمت فإذا رجل يرجمني مقنعاً قال فالتفتُّ فإذا بعثمان يرحمني فتأخرت عنه فصلى فإذا هو يسجد بسجود الْقُرْآنِ، حَتَّى إِذَا قُلْتُ هَذَا هُوَ أَذَانُ الْفَجْرِ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ لَمْ يُصَلِّ غَيْرَهَا ثُمَّ انْطَلَقَ ".

وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ صَلَّى بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، أَيَّامَ الْحَجِّ، وَقَدْ كَانَ هَذَا مِنْ دَأْبِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَلِهَذَا رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى * (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ) * [الزمر: ٩] قَالَ: هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ.

وَقَالَ ابْنُ عبَّاس فِي قَوْلِهِ تَعَالَى * (هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) * [النحل: ٧٦] قال: هو عثمان.

وَقَالَ حَسَّانُ (٢) : ضَحَّوْا بِأَشْمَطَ عُنْوَانُ السُّجُودِ بِهِ * يُقَطِّعُ اللَّيْلَ تَسْبِيحًا وَقُرْآنَا وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: ثَنَا إِسْرَائِيلُ بْنُ مُوسَى سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ قَالَ عُثْمَانُ: لَوْ أَنَّ قُلُوبَنَا طَهُرَتْ مَا شَبِعْنَا مِنْ كَلَامِ رَبِّنَا، وَإِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيَّ يَوْمٌ لَا أَنْظُرُ فِي الْمُصْحَفِ، وَمَا مَاتَ عُثْمَانُ حَتَّى خَرَقَ مُصْحَفَهُ مِنْ كَثْرَةِ مَا يُدِيمُ النَّظَرَ فِيهِ.

وَقَالَ أَنَسٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: قَالَتِ امْرَأَةُ عُثْمَانَ يَوْمَ الدَّارِ: اقْتُلُوهُ أَوْ دَعُوهُ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ بِالْقُرْآنِ فِي رَكْعَةٍ.

وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ لَا يُوقِظُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهِ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ لِيُعِينَهُ عَلَى وُضُوئِهِ، إِلَّا أَنْ يجده يقظاناً، وكان يصوم


(١) الطبري ٥ / ١٣٥ والكامل ٣ / ١٨١ وكان ذلك سنة ثمان من خلافته.
(٢) انظر حاشية ٤ صفحة ٢١٩ من هذا الجزء.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>