للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزاد غيره فيها

معاوي لا تنهض بغير وثيقة … فإنك بعد اليوم بالذل عارف

وقد أجابه أبو جهم الأسدي بقصيدة فيها أنواع من الهجاء تركناها قصدا.

وهذا مقتل عمار بن ياسر مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قتله أهل الشام وبان وظهر بذلك سر ما أخبره به الرسول من أنه تقتله الفئة الباغية وبان بذلك أن عليا محق وأن معاوية باغ، وما في ذلك من دلائل النبوة، ذكر ابن جرير من طريق أبي مخنف حدثني مالك بن أعين الجهني، عن زيد بن وهب الجهني أن عمارا قال يومئذ: من يبتغي رضوان ربه ولا يلوي إلى مال ولا ولد، قال: فأتته عصابة من الناس فقال: أيها الناس اقصدوا بنا نحو هؤلاء القوم الذين يبتغون دم عثمان ويزعمون أنه قتل مظلوما والله ما قصدهم الاخذ بدمه ولا الاخذ بثأره، ولكن القوم ذاقوا الدنيا واستحلوها واستمروا الآخرة فقلوها، وعلموا أن الحق إذا لزمهم حال بينهم وبين ما يتمرغون فيه من دنياهم وشهواتهم، ولم يكن للقوم سابقة في الاسلام يستحقون بها طاعة الناس لهم ولا الولاية عليهم ولا تمكنت من قلوبهم خشية الله التي تمنع من تمكنت من قلبه عن نيل الشهوات، وتعقله عن إرادة الدنيا وطلب العلو فيها، وتحمله على اتباع الحق والميل إلى أهله، فخدعوا أتباعهم بقولهم إمامنا قتل مظلوما، ليكونوا بذلك جبابرة ملوكا، وتلك مكيدة بلغوا بها ما ترون، ولولا ذلك ما تبعهم من الناس رجلان ولكانوا أذل وأخس وأقل، ولكن قول الباطل له حلاوة في أسماع الغافلين، فسيروا إلى الله سيرا جميلا، واذكروا ذكرا كثيرا ثم تقدم فلقيه عمرو بن العاص وعبيد الله بن عمر فلأمهما وأنبهما ووعظهما، وذكروه من كلامه لهما ما فيه غلظة فالله أعلم.

وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن عمرو بن مرة سمعت عبد الله بن سلمة يقول: رأيت عمارا يوم صفين شيخا كبيرا آدم طوالا أخذ الحربة بيده ويده ترعد، فقال: والذي نفسي بيده لقد قاتلت بهذه الراية مع رسول الله ثلاث مرات وهذه الرابعة، والذي نفسي بيده لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعرفت أن مصلحينا على الحق، وأنهم على الضلالة (١). وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة وحجاج حدثني شعبة سمعت قتادة يحدث عن أبي نضرة قال حجاج سمعت أبا نضرة عن قيس بن عباد قال: قلت لعمار بن ياسر أرأيت قتالكم مع علي رأيا رأيتموه، فإن الرأي يخطئ ويصيب، أو عهد عهده إليكم رسول الله ؟ فقال: ما عهد إلينا رسول الله شيئا لم يعهده إلى الناس كافة (٢).


(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج ٤/ ٣١٩.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج ٤/ ٢٦٢ و ٣١٩ ومسلم في صفات المنافقين ح ٩ ص (٤/ ٢١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>