إنما بنيت على حب علي، ما كلمت أحدا منهم إلا وجدت المقتصد منهم الذي يفضل عليا على أبي بكر وعمر، منهم سفيان الثوري، قال: فقلت لمعمر ورأيته؟ - كأني أعظمت ذاك - فقال معمر: وما ذاك؟ لو أن رجلا قال: علي أفضل عندي منهما ما عبته إذا ذكر فضلهما ولو أن رجلا قال: عمر عندي أفضل من علي وأبي بكر ما عنفته. قال عبد الرزاق: فذكرت ذلك لوكيع بن الجراح ونحن خاليين فاستهالها من سفيان وضحك وقال: لم يكن سفيان يبلغ بنا هذا الحد، ولكنه أفضى إلى معمر بما لم يفض إلينا، وكنت أقول لسفيان: يا أبا عبد الله أرأيت إن فضلنا عليا على أبي بكر وعمر ما تقول في ذلك؟ فيسكت ساعة ثم يقول: أخشى أن يكون ذلك طعنا على أبي بكر وعمر ولكنا نقف. قال عبد الرزاق: وأما ابن التيمي - يعني معتمرا - فقال: سمعت أبي يقول: فضل علي بن أبي طالب بمائة منقبة وشاركهم في مناقبهم، وعثمان أحب إلي منه. هكذا رواه ابن عساكر في تاريخه بسنده عن ابن أبي خيثمة به. وهذا الكلام فيه تخبيط كثير ولعله اشتبه على معمر فإن المشهور عن بعض الكوفيين تقديم علي على عثمان، فأما على الشيخين فلا، ولا يخفى فضل الشيخين على سائر الصحابة إلا على غبي، فكيف يخفى على هؤلاء الأئمة؟ بل قد قال غير واحد من العلماء - كأيوب والدار قطني - من قدم عليا على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار. وهذا الكلام حق وصدق وصحيح ومليح. وقال يعقوب بن أبي سفيان: ثنا عبد العزيز بن عبد الله الأريسي ثنا إبراهيم بن سعيد، عن شعبة عن أبي عون - محمد بن عبد الله الثقفي - عن أبي صالح الحنفي قال: رأيت علي بن أبي طالب أخذ المصحف فوضعه على رأسه حتى أني لأرى ورقه يتقعقع قال ثم قال: اللهم إنهم منعوني أن أقوم في الأمة بما فيه فأعطني ثواب ما فيه، ثم قال: اللهم إني قد مللتهم وملوني وأبغضتهم وأبغضوني، وحملوني على غير طبيعتي وخلقي وأخلاق لم تكن تعرف لي، اللهم فأبدلني بهم خيرا منهم، وأبدلهم بي شرا مني، اللهم أمت قلوبهم موت الملح في الماء. قال إبراهيم: - يعني أهل الكوفة - وقال ابن أبي الدنيا: حدثني عبد الرحمن بن صالح، ثنا عمرو بن هشام الخبي، عن أبي خباب عن أبي عوف الثقفي، عن أبي عبد الرحمن السلمي. قال: قال لي الحسن بن علي، قال لي علي: " إن رسول الله ﷺ سنح لي الليلة في منامي فقلت: يا رسول الله ما لقيت من أمتك من الأود واللد؟ قال: ادع عليهم فقلت: اللهم أبدلني بهم من هو خير لي منهم، وأبدلهم بي من هو شر مني، فخرج فضربه الرجل - الأود العوج واللد الخصومة - وقد قدمنا الحديث الوارد بالاخبار بقتله وأنه يخضب لحيته من قرن رأسه، فوقع كما أخبر صلوات الله وسلامه على رسوله، وروى أبو داود في كتاب القدر: أنه لما كان أيام الخوارج كان أصحاب علي يحرسونه كل ليلة عشرة - يبيتون في المسجد بالسلاح - فرآهم علي فقال: ما يجلسكم؟ فقالوا: نحرسك، فقال: من أهل السماء؟ ثم قال: إنه لا يكون في الأرض شئ حتى يقضى في السماء، وإن علي من الله جنة حصينة. وفي رواية: وإن الرجل جنة محصونة، وإنه ليس من الناس أحد إلا وقد وكل به ملك فلا تريده دابة ولا شئ إلا قال: اتقه اتقه، فإذا جاء