للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من غسان والشعر في والد جبلة هذا الحيوان:

لله در عصابة نادمتهم … يوما بجلق في الزمان الأول

أولاد جفنة حول قبر أبيهم … قبر ابن مارية الكريم المفضل

يسقون من ورد البريص عليهم … بردى يصفق بالرحيق السلسل

بيض الوجوه كريمة أحسابهم … شم الأنوف من الطراز الأول

يغشون حتى ما تهر كلابهم … لا يسألون عن السواد المقبل

قال: فأعجبه قولهن ذلك، ثم قال: هذا شعر حسان بن ثابت الأنصاري فينا وفي ملكنا، ثم قال لي: كيف حاله؟ قلت: تركته ضريرا شيخا كبيرا، ثم قال لهن: أطربنني فاندفعن يغنين لحسان أيضا:

لمن الديار أوحشت بمغان … بين أعلا اليرموك فالصمان

فالقريات من بلامس فداريا … فكساء لقصور الدواني (١)

فقفا جاسم فأودية الصفر … مغنى قبائل وهجان

تلك دار العزيز بعد أنيس … وحلوك عظيمة الأركان

صلوات المسيح في ذلك الدير … دعاء القسيس والرهبان

ذاك مغنى لآل جفنة في الدهر … محاه تعاقب الأزمان (٢)

قد أراني هناك حق مكين … عند ذي التاج مجلسي ومكاني

ثكلت أمهم وقد ثكلتهم … يوم حلوا بحارث الحولاني

وقد دنا الفصح فالولائد ينظمن … سراعا أكلة المرجان

ثم قال: هذا لابن الفريعة حسان بن ثابت فينا وفي ملكنا وفي منازلنا بأكناف غوطة دمشق، قال: ثم سكت طويلا، ثم قال لهن: بكينني، فوضعن عيدانهن ونكسن رؤوسهن وقلن:

تنصرت الاشراف من عار لطمة … وما كان فيها لو صبرت لها ضرر

تكنفني فيها اللجاج ونخوة … وبعت بها العين الصحيحة بالعور

فيا ليت أمي لم تلدني وليتني … رجعت إلى القول الذي قاله عمر

ويا ليتني أرعى المخاض بقفرة … وكنت أسيرا في ربيعة أو مضر

ويا ليت لي بالشام أدنى معيشة … أجالس قومي ذاهب السمع والبصر

أدين بما دانوا به من شريعة … وقد يصبر العود الكبير على الدبر


(١) في الديوان: والأعرج خير الآنام.
(٢) في مروج الذهب ٢/ ١١٨ … الدهر وحقا تصرف الأزمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>