وكان في أيام الصديق معظما جليل المقدار، وكذلك في أيام عمر، وقد استنابه على الكوفة، وهو الذي فتح المدائن، وكانت بين يديه وقعة جلولاء. وكان سيدا مطاعا، وعزله عن الكوفة عن غير عجز ولا خيانة، ولكن لمصلحة ظهرت لعمر في ذلك. وقد ذكره في الستة أصحاب الشورى، ثم ولاه عثمان بعدها ثم عزله عنها. وقال الحميدي عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال: شهد سعد بن أبي وقاص وابن عمر دومة الجندل يوم الحكمين (١). وثبت في صحيح مسلم أنه ابنه عمر جاء إليه وهو معتزل في إبله فقال: الناس يتنازعون الامارة وأنت هاهنا؟ فقال: يا بني إني سمعت رسول الله ﷺ يقول: " إن الله يحب العبد الغني الخفي التقي ". قال ابن عساكر: ذكر بعض أهل العلم أن ابن أخيه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص جاءه فقال له: يا عم ها هنا مائة ألف سيف يرونك أحق الناس بهذا الامر، فقال: أريد من مائة ألف سيفا واحدا إذا ضربت به المؤمن لم يصنع شيئا، وإذا ضربت به الكافر قطع. وقال عبد الرزاق عن ابن جريج: حدثني زكريا بن عمر وأن سعد بن أبي وقاص وفد على معاوية فأقام عنده شهر رمضان يقصر الصلاة ويفطر، وقال غيره: فبايعه وما سأله سعد شيئا إلا أعطاه إياه. قال أبو يعلى: حدثنا زهير ثنا إسماعيل بن علية، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم. قال: قال سعد: إني لأول رجل رمى بسهم في المشركين، وما جمع رسول الله أبويه لاحد قبلي، ولقد سمعته يقول:" ارم فداك أبي وأمي ". وقال أحمد: حدثنا يزيد بن هارون ثنا إسماعيل عن قيس سمعت سعد بن مالك يقول: والله إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله، ولقد كنا نغزو مع رسول الله وما لنا طعام نأكله إلا ورق الحبلة وهذا السمر، حتى أن أحدنا ليضع كما تضع الشاة ماله خلط، ثم أصبحت بنو أسد تعزرني على الدين، لقد خبت إذا وضل عملي. وقد رواه شعبة ووكيع غير واحد عن إسماعيل بن أبي خالد به. وقال أحمد: حدثنا ابن سعيد عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب عن سعد. قال:" جمع لي رسول الله ﷺ أبويه يوم أحد ". ورواه أحمد أيضا عن غندر، عن شعبة، عن يحيى بن سعيد الأنصاري. وقد رواه الليث وغير واحد عن يحيى الأنصاري. ورواه غير واحد عن سعيد بن المسيب عن سعد. ورواه الناس من حديث عامر بن سعد عن أبيه. وفي بعض الروايات " فداك أبي وأمي " وفي رواية: " فقال أرم وأنت الغلام الحزور " قال سعيد: وكان سعد جيد الرمي. وقال الأعمش عن أبي خالد عن جابر بن سمرة. قال: أول الناس رمى بسهم في سبيل الله سعد ﵁. وقال أحمد: حدثنا وكيع ثنا سفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن عبد الله بن شداد سمعت عليا يقول:" ما سمعت رسول الله يفدي أحدا بأبويه إلا سعد بن مالك، وإني سمعته يقول له يوم أحد: ارم سعد فداك أمي وأبي ". ورواه البخاري عن أبي نعيم عن مسعر عن سعد بن إبراهيم به. ورواه شعبة عن
(١) تقدم التعليق، انظر اجتماع الحكمين أبي موسى وعمرو بن العاص في الجزء السابع من هذا الكتاب.