للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الرحمن - ضربته عائشة بعدما ارْتَحَلَتْ - فَأَمَرَ ابْنُ عُمَرَ بِنَزْعِهِ وَقَالَ: إِنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُهُ.

وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذَا الْعَامِ فِي قَوْلِ كَثِيرٍ مِنْ عُلَمَاءِ التَّارِيخِ، وَيُقَالُ إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ وَكَاتِبُهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَقِيلَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ فالله أعلم.

قصته مَعَ لَيْلَى بِنْتِ الْجُودِيِّ مَلِكِ عَرَبِ الشَّامِ قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضحاك الحزامي عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَدِمَ الشَّام فِي تِجَارَةٍ - يَعْنِي فِي زَمَانِ جَاهِلِيَّتِهِ - فَرَأَى امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا لَيْلَى ابْنةُ الْجُودِيِّ عَلَى طنفسة لها وحولها وَلَائِدُهَا فَأَعْجَبَتْهُ، قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: رَآهَا بِأَرْضِ بُصْرَى فَقَالَ فِيهَا: تَذَكَّرْتُ لَيْلَى وَالسَّمَاوَةُ دُونَهَا * فمال ابنة الجودي ليلى وماليا

وإني تعاطى قلبه حارثية * تؤمن بصرى أو تحل الحوابيا وإني بلاقيها (١) بَلَى وَلَعَلَّهَا * إِنِ النَّاسُ حَجُّوا قَابِلًا أَنْ تُوَافِيَا قَالَ: فَلَمَّا بَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ جَيْشَهُ إِلَى الشَّامِ قَالَ لِلْأَمِيرِ عَلَى الْجَيْشِ: إِنْ ظَفِرْتَ بِلَيْلَى بِنْتِ الْجُودِيِّ عَنْوَةً فَادْفَعْهَا إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، فَظَفِرَ بِهَا فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ فَأُعْجِبَ بِهَا وَآثَرَهَا عَلَى نسائه حتَّى جعلن يشكونها إِلَى عَائِشَةَ، فَعَاتَبَتْهُ عَائِشَةُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ كَأَنِّي أَرْشُفُ بِأَنْيَابِهَا (٢) حَبَّ الرُّمَّانِ، فَأَصَابَهَا وَجَعٌ سَقَطَ لَهُ فُوهَا فَجَفَاهَا حَتَّى شَكَتْهُ إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَقَدْ أَحْبَبْتَ لَيْلَى فَأَفْرَطْتَ، وَأَبْغَضَتْهَا فَأَفْرَطَتْ، فَإِمَّا أَنْ تُنْصِفَهَا وَإِمَّا أَنْ تُجَهِّزَهَا إِلَى أَهْلِهَا.

قَالَ الزُّبَيْرِيُّ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ.

قَالَ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ نَفَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ لَيْلَى بِنْتَ الْجُودِيِّ حِينَ فَتَحَ دِمَشْقَ، وَكَانَتِ ابْنةَ مَلِكِ دِمَشْقَ - يَعْنِي ابنة ملك العرب الذين حول دمشق - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْقُرَشِيُّ الْهَاشِمِيُّ ابْنُ عَمِّ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ أَصْغَرَ مِنْ أخيه عبد الله بسنة، وأمها أُمُّ الْفَضْلِ لُبَابَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْهِلَالِيَّةُ، وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ كَرِيمًا جَمِيلًا وَسِيمًا يُشْبِهُ أَبَاهُ فِي الْجَمَالِ، رُوِّينَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يَصِفُ عَبْدَ اللَّهِ وعبيد الله وكثيراً صفاً ويقول: مَنْ سَبَقَ إِلَيَّ فَلَهُ كَذَا، فَيَسْتَبِقُونَ إِلَيْهِ فَيَقَعُونَ عَلَى ظَهْرِهِ وَصَدْرِهِ فَيُقَبِّلُهُمْ وَيَلْتَزِمُهُمْ ".

وَقَدِ استنابه علي بن أبي طالب في


(١) في الاصابة ٢ / ٤٠٨ وأسد الغابة ٣ / ٣٠٥: وأنى تلاقيها ... (٢) في أُسد الغابة: أرشف من ثناياها.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>