للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى فِعْلِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا تَأْخُذُهُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ.

وَأَرْسَلَهُ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ أَيُّوبُ: وَهُوَ كَذِبٌ وَرَوَاهُ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ بِإِسْنَادٍ مَجْهُولٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: " إِذَا رَأَيْتُمْ معاوية يخطب على منبري فاقتلوه (١) فَإِنَّهُ أَمِينٌ مَأْمُونٌ ".

وَقَدْ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ عَنْ دُحَيْمٍ، عَنِ الْوَلِيدِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ: أَدْرَكَتْ خِلَافَةَ مُعَاوِيَةَ عِدَّةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ أُسَامَةُ وَسَعْدٌ وَجَابِرٌ وَابْنُ عُمَرَ وَزَيْدُ بن ثابت وسلمة بْنُ مُخَلَّدٍ وَأَبُو سَعِيدٍ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ وَأَبُو أُمَامَةَ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَرِجَالٌ أَكْثَرُ وأطيب مِمَّنْ سَمَّيْنَا بِأَضْعَافٍ مُضَاعَفَةٍ، كَانُوا مَصَابِيحَ الْهُدَى، وأوعية العلم، حضروا من الكتاب تنزيله، ومن الدين جديده، وعرفوا من الإسلام ما لم يعرفه غيرهم، وَأَخَذُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تأويل القرآن.

ومن التابعين لهم بإحسان ما شَاءَ اللَّهُ، مِنْهُمُ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، وَسَعِيدُ بن المسيب، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَيْرِيزٍ، وَفِي أَشْبَاهٍ لَهُمْ لم ينزعوا يداً من جماعة فِي أمَّة محمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم.

وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ دُحَيْمٍ، عَنِ الْوَلِيدِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.

قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ لَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ غَازِيَةٌ تَغْزُو، حَتَّى كَانَ عَامُ الْجَمَاعَةِ فَأَغْزَا مُعَاوِيَةُ أَرْضَ الرُّومِ سِتَّ عَشْرَةَ غَزْوَةً، تَذْهَبُ سَرِيَّةٌ فِي الصيف ويُشَتُّوا بِأَرْضِ الرُّومِ، ثُمَّ تَقْفِلُ وَتَعْقُبُهَا أُخْرَى، وَكَانَ في جملة من أغزى ابْنُهُ يَزِيدُ وَمَعَهُ خَلْقٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَجَازَ بِهِمُ الْخَلِيجَ، وَقَاتَلُوا أَهْلَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ عَلَى بَابِهَا، ثم قفل بهم راجعاً إلى الشام، وَكَانَ آخِرَ مَا أَوْصَى بِهِ مُعَاوِيَةُ أَنْ قال: شد خِنَاقَ الرُّومِ.

وَقَالَ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ.

حج معاوية بالناس فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ مَرَّتَيْنِ، وَكَانَتْ أَيَّامُهُ

عِشْرِينَ سَنَةً إِلَّا شَهْرًا.

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: حَجَّ بِالنَّاسِ مُعَاوِيَةُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ، وَسَنَةَ خَمْسِينَ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ (٢) فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا بكير عَنْ بِشْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا بَعْدَ عُثْمَانَ أَقْضَى بِحَقٍّ مِنْ صَاحِبِ هَذَا الْبَابِ - يَعْنِي مُعَاوِيَةَ - وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهري عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثَنَا الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ.

قَالَ: فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ - حَسِبْتُ أنَّه قَالَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ - فَقَالَ: مَا فَعَلَ طَعْنُكَ عَلَى الْأَئِمَّةِ يَا مِسْوَرُ؟ قَالَ قُلْتُ: ارْفُضْنَا مِنْ هَذَا وَأَحْسِنْ فِيمَا قَدِمْنَا لَهُ، فَقَالَ: لَتُكَلِّمَنِّي بِذَاتِ نَفْسِكَ، قَالَ: فَلَمْ أَدَعْ شَيْئًا أَعِيبُهُ عَلَيْهِ إلا أخبرته به، فقال: لا تبرأ مِنَ الذُّنُوبِ، فَهَلْ لَكَ مِنْ ذُنُوبٍ تَخَافُ أَنْ تُهْلِكَكَ إِنْ لَمْ يَغْفِرْهَا اللَّهُ لَكَ؟ قال: قلت: نعم! إن لي ذنوباً إن لم تغفرها هلكت بسببها، قال: فما الذي يجعلك أحق بأن ترجو أنت المغفرة مني، فوالله لما


(١) كذا بالاصل، وفي هامش المطبوعة: " لعله فاقبلوه بدليل قوله في سياق الكلام: فإنه أمين مأمون، ولا يطعن في الحديث، ويصح المعنى والله أعلم ".
(٢) في الطبري ٦ / ١٦١: حج بالناس سنة إحدى وخمسين يزيد بن معاوية، وقال بعضهم حج يزيد في سنة خمسين وقال بعضهم الآخر حج معاوية.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>