ذلك من الكتاب والسنة والآثار والاخبار المنقولة المقبولة عند العلماء وورثة الأنبياء، الآخذين من مشكاة النبوة المصطفوية المحمدية على من جاء بها أفضل الصلاة والسلام.
ولسنا نذكر من الإسرائيليات إلا ما أذن الشارع في نقله مما لا يخالف كتاب الله، وسنة رسوله ﷺ وهو القسم الذي لا يصدق ولا يكذب، مما فيه بسط لمختصر عندنا، أو تسمية لمبهم ورد به شرعنا مما لا فائدة في تعيينه لنا فنذكره على سبيل التحلي به لا على سبيل الاحتياج إليه والاعتماد عليه. وإنما الاعتماد والاستناد على كتاب الله وسنة رسول الله ﷺ، ما صح نقله أو حسن وما كان فيه ضعف نبينه. وبالله المستعان وعليه التكلان. ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم العلي العظيم.
فقد قال الله تعالى في كتابه (كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا) وقد قص الله على نبيه ﷺ خبر ما مضى من خلق المخلوقات، وذكر الأمم الماضين، وكيف فعل بأوليائه، وماذا أحل بأعدائه. وبين ذلك رسول الله ﷺ لامته بيانا شافيا، سنورد عند كل فصل ما وصل إلينا عنه، صلوات الله وسلامه عليه. من ذلك تلو الآيات الواردات (١) في ذلك فأخبرنا بما نحتاج إليه من ذلك، وترك ما لا فائدة فيه مما قد يتزاحم على علمه ويتراجم في فهمه طوائف من علماء أهل الكتاب مما لا فائدة فيه لكثير من الناس إليه. وقد يستوعب نقله طائفة من علمائنا ولسنا نحذو حذوهم ولا ننحو نحوهم ولا نذكر منها إلا القليل على سبيل الاختصار. ونبين ما فيه حق مما وافق ما عندنا، وما خالفه فوقع فيه الانكار.
فأما الحديث الذي رواه البخاري ﵀ في صحيحه عن عمرو بن العاص ﵁ أن رسول الله ﷺ قال " بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، وحدثوا عني ولا تكذبوا علي ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " فهو محمول على الإسرائيليات المسكوت عنها عندنا. فليس عندنا ما يصدقها ولا ما يكذبها، فيجوز روايتها للاعتبار. وهذا هو الذي نستعمله في كتابنا هذا … فأما ما شهد له شرعنا بالصدق فلا حاجة بنا إليه استغناء بما عندنا. وما شهد له شرعنا منها بالبطلان فذاك مردود لا يجوز حكايته، إلا على سبيل الانكار والابطال.
فإذا كان الله، سبحانه وله الحمد، قد أغنانا برسولنا محمد، ﷺ، عن سائر الشرائع، وبكتابه عن سائر الكتب، فلسنا نترامى على ما بأيديهم مما وقع فيه خبط وخلط، وكذب ووضع، وتحريف وتبديل، وبعد ذلك كله نسخ وتغيير.
فالمحتاج إليه قد بينه لنا رسولنا، وشرحه وأوضحه. عرفه من عرفه، وجهله من جهله.
كما قال علي بن أبي طالب " كتاب الله فيه خير ما قبلكم ونبأ ما بعدكم، وحكم ما بينكم وهو الفضل ليس بالهزل. من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله " وقال أبو ذر،﵁:" لقد توفي رسول الله ﷺ وما طائر يطير بجناحيه إلا أذكرنا منه علما "