للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكتابك بري وصلتي فجزيت خيرا في الدنيا والآخرة، وإنه لم يشاقق من دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين، وخير الأمان أمان الله، ولم يؤمن بالله من لم يخفه في الدنيا، فنسأل الله مخافة في الدنيا توجب لنا أمانا يوم القيامة عنده (١). قالوا: وكتب يزيد بن معاوية إلى ابن عباس (٢) يخبره بخروج الحسين إلى مكة، وأحسبه قد جاءه رجال من أهل المشرق فمنوه الخلافة، وعندك منهم خبر وتجربة، فإن كان قد فعل فقد قطع راسخ القرابة، وأنت كبير أهل بيتك والمنظور إليه، فاكففه عن السعي في الفرقة. وكتب بهذه الأبيات إليه وإلى من بمكة والمدينة من قريش:

يا أيها الراكب العادي مطيته (٣) … على غدافرة في سيرها فحم (٤)

أبلغ قريشا على نأي المزار بها … بيني وبين حسين الله والرحم

وموقف بفناء البيت أنشده … عهد الاله وما توفي به الذمم

عنيتم قومكم فخرا بأمكم … أم لعمري حصان برة كرم

هي التي لا يداني فضلها أحد … بنت الرسول وخير الناس قد علموا

وفضلها لكم فضل وغيركم … من قومكم (٥) لهم في فضلها قسم

إني لاعلم أو ظنا كعالمه (٦) … والظن يصدق أحيانا فينتظم

أن سوف يترككم ما تدعون بها … قتلى تهاداكم العقبان والرخم

يا قومنا لا تشبوا الحرب إذ مسكت … ومسكوا بحبال السلم (٧) واعتصموا

قد جرب الحرب من قد كان قبلكم … من القرون وقد بادت بها الأمم

فانصفوا قومكم لا تهلكوا برحا (٨) … فرب ذي برح زلت به القدم

قال: فكتب إليه ابن عباس: إني لأرجو أن لا يكون خروج الحسين لأمر تكرهه، ولست أدع النصيحة له في كل ما تجتمع به الألفة وتطفي به الثائرة، ودخل ابن عباس على الحسين فكلمه طويلا وقال له: أنشدك أن تهلك غدا بحال مضيعة لا تأتي العراق، وإن كنت لابد فاعلا فأقم


(١) في رواية أبي مخنف عن الحارث بن كعب الوالبي أن عمرو أرسل بكتابه مع عبد الله بن جعفر ويحيى بن سعيد (الطبري ٦/ ٢١٩).
(٢) كذا بالأصل وابن عساكر ٤/ ٣٣٠ وفي ابن الأعثم: كتاب من يزيد إلى أهل المدينة من قريش وغيرهم من بني
هاشم.
(٣) في ابن عساكر: الغادي لطيته.
(٤) في ابن الأعثم وابن عساكر: عذافرة في سيرة قحم.
(٥) في ابن الأعثم: من يومكم.
(٦) في ابن الأعثم: إني لاعلم حقا غير ما كذب والظن … ويقتصم.
(٧) في ابن الأعثم: تمسكوا بحبال الخير.
(٨) في ابن الأعثم في الموضعين: بذخا.

<<  <  ج: ص:  >  >>