للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ كَذِبِهِ فِي قَوْلِهِ (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى) وَفِي قَوْلِهِ (وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) .

(وَقَالَ الذين آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ.

وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ.

يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ.

وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ.

الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) [غافر: ٣٠ - ٣٥] يُحَذِّرُهُمْ وَلِيُّ اللَّهِ إِنْ كَذَّبُوا بِرَسُولِ اللَّهِ مُوسَى أَنْ يَحِلَّ بِهِمْ مَا حَلَّ بِالْأُمَمِ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ النَّقِمَاتِ وَالْمَثُلَّاتِ مِمَّا تَوَاتَرَ عِنْدَهُمْ وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ مَا حَلَّ بِقَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى زَمَانِهِمْ ذَلِكَ مما أقام بِهِ الْحُجَجَ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ قَاطِبَةً فِي صدق ما جاءتْ بِه الأنبياء لما أَنْزَلَ مِنَ النِّقْمَةِ بِمُكَذِّبِيهِمْ مِنَ الْأَعْدَاءِ وَمَا أَنْجَى (١) اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَخَوَّفَهُمْ يوم القيمة وَهُوَ يَوْمُ التَّنَادِ أَيْ حِينَ يُنَادِي النَّاس بَعْضُهُمْ بَعْضًا حِينَ يُوَلُّونَ [مُدْبِرِينَ] (٢) إِنْ قَدَرُوا عَلَى ذَلِكَ وَلَا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ (يَقُولُ الْإِنْسَانُ

يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ كَلَّا لَا وَزَرَ - إِلَى رَبِّكَ يومئذ المستقر) [الْقِيَامَةِ: ١٠ - ١٢] وَقَالَ تَعَالَى (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ.

فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ فَبِأَيِ آلَاءِ رَبِّكُمَا تكذبان) [الرَّحْمَنِ: ٣٣ - ٣٦] وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ (يَوْمَ التَّنَادِّ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ، أَي يَوْمَ الْفِرَارِ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يَوْمَ يُحِلُّ اللَّهُ بِهِمُ الْبَأْسَ، فَيَوَدُّونَ الْفِرَارَ وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ.

(فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ، لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لعلكم تسألون) [الْأَنْبِيَاءِ: ١٢ - ١٣] ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ عَنْ نُبُوَّةِ يُوسُفَ فِي بِلَادِ مِصْرَ مَا كَانَ مِنْهُ مِنَ الْإِحْسَانِ إِلَى الْخَلْقِ فِي دُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ وَهَذَا مِنْ سُلَالَتِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَيَدْعُو النَّاس إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ وَأَنْ لَا يُشْرِكُوا بِهِ أَحَدًا مِنْ بَرِّيَّتِهِ وَأَخْبَرَ عَنْ أَهْلِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي ذلك الزمان أي مِنْ سَجِيَّتِهِمُ التَّكْذِيبَ بِالْحَقِّ وَمُخَالَفَةَ الرُّسُلِ وَلِهَذَا قَالَ (فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً) [غافر: ٣٤] أَيْ وَكَذَّبْتُمْ فِي هَذَا وَلِهَذَا قَالَ (كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ.

الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ) [غافر: ٣٤ - ٣٥] أي يريدون حُجَجَ اللَّهِ وَبَرَاهِينَهُ وَدَلَائِلَ تَوْحِيدِهِ بِلَا حُجَّةٍ وَلَا دَلِيلٍ عِنْدَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ يَمْقُتُهُ اللَّهُ غَايَةَ الْمَقْتِ أَيْ يُبْغِضُ مَنْ تَلَبَّسَ بِهِ مِنَ النَّاسِ وَمَنِ اتَّصَفَ بِهِ مِنَ الْخَلْقِ (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) [غافر: ٣٥] قُرِئَ بِالْإِضَافَةِ وبالنعت وكلاهما


(١) في نسخة: ونجى.
(٢) سقطت من النسخ المطبوعة.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>