للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إني زعيم لك أم وهب … بالطعن فيهم مقدما والضرب

• ضرب غلام مؤمن بالرب *

فأخذت أم وهب عمودا ثم أقبلت نحو زوجها تقول له: فداؤك أبي وأمي، قاتل دون الطبين، ذرية محمد ، فأقبل إليها يردها نحو النساء فأقبلت تجاذبه ثوبه، قالت: دعني أكون معك، فناداها الحسين: انصرفي إلى النساء فاجلسي معهن فإنه ليس على النساء قتال، فانصرفت إليهن.

قال: وكثرت المبارزة يومئذ بين الفريقين والنصر في ذلك لأصحاب الحسين لقوة بأسهم، وأنهم مستميتون لا عاصم لهم إلا سيوفهم، فأشار بعض الامراء على عمر بن سعد بعدم المبارزة، وحمل عمرو بن الحجاج أمير ميمنة جيش ابن زياد. وجعل يقول: قاتلوا من مرق من الدين وفارق الجماعة (١). فقال له الحسين: ويحك يا حجاج أعلي تحرض الناس؟ أنحن مرقنا من الدين وأنت تقيم عليه؟ ستعلمون إذا فارقت أرواحنا أجسادنا من أولى بصلي النار. وقد قتل في هذه الحملة مسلم بن عوسجة (٢)، وكان أول من قتل من أصحاب الحسين فمشى إليه الحسين فترحم عليه، وهو على آخر رمق، وقال له حبيب بن مطهر: ابشر بالجنة، فقال له بصوت ضعيف: بشرك الله بالخير، ثم قال له حبيب: لولا أني أعلم أني على أثرك لاحقك لكنت أقضي ما توصي به، فقال له مسلم بن عوسجة: أوصيك بهذا - وأشار إلى الحسين - إلى أن تموت دونه. قالوا: ثم حمل شمر بن ذي الجوشن بالميسرة وقصدوا نحو الحسين فدافعت عنه الفرسان من أصحابه دفاعا عظيما، وكافحوا دونه مكافحة بليغة، فأرسلوا يطلبون من عمر بن سعد طائفة من الرماة الرجالة، فبعث إليهم نحوا من خمسمائة، فجعلوا يرمون خيول أصحاب الحسين فعقروها كلها حتى بقي جميعهم رجالة، ولما عقروا جواد الحر بن يزيد نزل عنه وفي يده السيف كأنه ليث وهو يقول:

إن تعقروا بي فأنا ابن الحر (٣) … أشجع من ذي لبد هزبر

ويقال إن عمر بن سعد أمر بتقويض تلك الأبنية التي تمنع من القتال من أتى ناحيتها، فجعل أصحاب الحسين يقتلون من يتعاطى ذلك، فأمر بتحريقها فقال الحسين: دعوهم يحرقونها فإنهم لا يستطيعون أن يجوزوا منها وقد أحرقت وجاء شمر بن ذي الجوشن قبحه الله إلى فسطاط الحسين فطعنه برمحه - يعني الفسطاط - وقال: إيتوني بالنار لأحرقه على من فيه، فصاحت النسوة


(١) في الطبري والكامل: الامام.
(٢) قتله: مسلم بن عبد الله الضبابي وعبد الرحمن بن أبي خشكارة البجلي.
(٣) في ابن الأعثم: إن تنكروني فأنا ابن الحر. وفي المقتل: إن تعقروا مهري فإني الحر.

<<  <  ج: ص:  >  >>