للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاطمة بنت رسول الله خير من أمي، وجده رسول الله خير من جدي، وأنه خير مني وأحق بهذا الامر مني، فأما قوله أبوه خير من أبي فقد حاج أبي أباه إلى الله ﷿، وعلم الناس أيهما حكم له، وأما قوله أمه خير من أمي فلعمري إن فاطمة بنت رسول الله خير من أمي، وأما قوله جده رسول الله خير من جدي، فلعمري ما أحد يؤمن بالله واليوم الآخر يرى أن لرسول الله فينا عدلا ولا ندا، ولكنه إنما أتى من قلة فقهه لم يقرأ … (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء) … الآية [آل عمران: ٢٦]، وقوله تعالى:(والله يؤتي ملكه من يشاء)[البقرة: ٢٤٧]. فلما دخلت النساء على يزيد قالت فاطمة بنت الحسين - وكانت أكبر من سكينة - يا يزيد! بنات رسول الله سبايا. فقال يزيد: يا بنت أخي، أنا لهذا كنت أكره. قالت: قلت والله ما تركوا لنا خرصا، فقال: ابنة أخي! ما أتى إليك أعظم مما ذهب لك. ثم أدخلهن داره ثم أرسل إلى كل امرأة منهن ماذا أخذ لك؟ فليس منهن امرأة تدعي شيئا بالغا ما بلغ إلا أضعفه لها.

وقال هشام عن أبي مخنف: حدثني أبو حمزة الثمالي عن عبد الله الثمالي عن القاسم بن بخيت (١). قال: لما أقبل وفد الكوفة برأس الحسين دخلوا به مسجد دمشق فقال لهم مروان بن الحكم: كيف صنعتم؟ قالوا: ورد علينا منهم ثمانية عشر رجلا فأتينا والله على آخرهم، وهذه الرؤوس والسبايا، فوثب مروان وانصرف، وأتاهم أخوه يحيى بن الحكم فقال: ما صنعتم؟ فقالوا له مثل ما قالوا لأخيه، فقال لهم: حجبتم عن محمد يوم القيامة، لن أجامعكم على أمر أبدا، ثم قام فانصرف. قال: ولما بلغ أهل المدينة مقتل الحسين بكى عليه نساء بني هاشم ونحن عليه، وروي أن يزيد استشار الناس في أمرهم فقال رجل ممن قبحهم الله: يا أمير المؤمنين لا يتخذن من كلب سوء جروا، اقتل علي بن الحسين حتى لا يبقى من ذرية الحسين أحد، فسكت يزيد فقال النعمان بن بشير: يا أمير المؤمنين اعمل معهم كما كان يعمل معهم رسول الله لو رآهم على هذه الحال. فرق عليهم يزيد وبعث بهم إلى الحمام وأجرى عليهم الكساوي والعطايا والأطعمة، وأنزلهم في داره.

وهذا يرد قول الرافضة: إنهم حملوا على جنائب الإبل سبايا عرايا، حتى كذب من زعم منهم أن الإبل البخاتي إنما نبتت لها الأسنمة من ذلك اليوم لتستر عوراتهن من قبلهن ودبرهن. ثم كتب ابن زياد إلى عمرو بن سعيد أمير الحرمين يبشره بمقتل الحسين، فأمر مناديا (٢) فنادى بذلك. فلما سمع نساء بني هاشم ارتفعت أصواتهن بالبكاء والنوح، فجعل عمرو بن سعيد


(١) في نسخ البداية المطبوعة: نجيب تحريف.
(٢) في الطبري ٦/ ٢٦٨: عبد الملك بن أبي الحارث السلمي، وهو الذي أرسله عبيد الله بن زياد بخبر مقتل الحسين إلى عمرو بن سعيد بن العاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>