للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحسين، قال: أو لم يقتل الله علي بن الحسين؟ فسكت، فقال له ابن زياد.

مالك لا تتكلم؟ قال: كان لي أخ يقال له علي أيضاً قتله الناس.

قال: إن الله قتله، فسكت، فقال: مالك لا تتكلم؟ فقال: * (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حين موتها) * [الزمر: ٤٢] * (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ الله) * [آل عمران: ١٤٥] قال: أنت والله منهم، ويحك! ! انظروا هذا أدرك؟ والله إني لأحسبه رجلاً، فكشف عنه مري بن معاذ الأحمري فقال: نعم قد أدرك، فقال: اقتله، فقال علي بن الحسين: من يوكل بهذه النسوة؟ وتعلقت به زينب عمته فقالت: يا بن زياد حسبك منا ما فعلت بنا، أما رويت من دمائنا؟ وهل أبقيت منا أحداً؟ قال: واعتنقته وقالت: أسألك بالله إن كنت مؤمناً إن قتلته لما قتلني معه، وناداه علي فقال: يا بن زياد! ! إنْ كان بينك وبينهن قرابة فابعث معهن رجلاً تقياً يصحبهن بصحبة الإسلام.

قال: فنظر إليهن ساعة ثم نظر إلى القوم فقال: عجباً للرحم! ! والله إني لأظن أنها ودّت لو إني قتلته أن أقتلها معه، دعوا الغلام، انطلق مع نسائك.

قال: ثم إن ابن زياد أمر بنساء الحسين وصبيانه وبناته فجهزن إلى يزيد، وأمر

بعلي بن الحسين فغل بغلٍ إلى عنقه، وأرسلهم مع محقر بن ثعلبة العائذي (١) - من عائذة قريش - ومع شمر بن ذي الجوشن قبحه الله، فلما بلغوا باب يزيد بن معاوية رفع محقر بن ثعلبة صوته فقال: هذا محقر بن ثعلبة، أتى أمير المؤمنين باللئام الفجرة، فأجابه يزيد بن معاوية: ما ولدت أم محقر شر وألأم.

فلما دخلت الرؤوس والنساء على يزيد دعا أشراف الشام فأجلسهم حوله، ثم دعا بعلي بن الحسين وصبيان الحسين ونسائه، فأدخلن عليه والناس ينظرون، فقال لعلي بن الحسين: يا علي أبوك قَطَعَ رَحِمِي وَجَهِلَ حَقِّي وَنَازَعَنِي سُلْطَانِي، فَصَنَعَ اللَّهُ بِهِ مَا قَدْ رَأَيْتَ.

فَقَالَ عَلِيٌّ: * (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ) * [الحديد: ٢٢] فقال يزيد لابنه خالد: أجبه.

قَالَ: فَمَا دَرَى خَالِدٌ مَا يَرُدُّ عَلَيْهِ، فقال له يزيد: قل: * (ما أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فيما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) * [الشورى: ٣٠] فَسَكَتَ عَنْهُ سَاعَةً ثُمَّ دَعَا بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فَرَأَى هَيْئَةً قَبِيحَةً، فَقَالَ: قَبَّحَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ، لو كانت بينهم وبينه قرابة ورحم ما فعل هذا بهم، وَلَا بَعَثَ بِكُمْ هَكَذَا.

وَرَوَى أَبُو مِخْنَفٍ: عَنِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيٍّ قَالَتْ: لَمَّا أُجْلِسْنَا بَيْنَ يَدَيْ يَزِيدَ رق لنا وأمر لنا بشئ وَأَلْطَفنَا، ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّام أَحْمَرَ قَامَ إِلَى يَزِيدَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَبْ لِي هَذِهِ - يَعْنِينِي - وَكُنْتُ جَارِيَةً وَضِيئَةً، فَارْتَعَدْتُ فَزِعَةً مِنْ قَوْلِهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُمْ، فَأَخَذْتُ بِثِيَابِ أُخْتِي زَيْنَبَ - وَكَانَتْ أَكْبَرَ مِنِّي وَأَعْقَلَ، وَكَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ - فَقَالَتْ لِذَلِكَ الرَّجُلِ: كَذَبْتَ والله ولؤمت، ما ذلك لك وله: فغضب يزيد فقال لها: كذبت!


(١) في الطبري ٦ / ٢٦٤: محفز، وفي الكامل ٤ / ٨٤ محفر، وفي الاخبار الطوال ص ٢٦٠: محقن.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>