للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبنو إسرائيل ينظرون إليه، وإلى جنوده، ماذا أحل الله به، وبهم من الباس العظيم، والخطب الجسيم، ليكون أقر لأعين بني إسرائيل، وأشفى لنفوسهم، فلما عاين فرعون الهلكة وأحيط به، وباشر سكرات الموت أناب حينئذ وتاب، وآمن حين لا ينفع نفسا إيمانها كما قال تعالى (إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم) [يونس: ٩٦ - ٩٧] وقال تعالى (فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين. فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون) [غافر: ٨٤ - ٨٥] وهكذا دعا موسى على فرعون وملئه أن يطمس على أموالهم ويشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا (حتى يروا العذاب الأليم) أي حين لا ينفعهم ذلك ويكون حسرة عليهم وقد قال تعالى لهما أي لموسى وهارون حين دعوا بهذا (قد أجيب دعوتكما) فهذا من إجابة الله تعالى دعوة كليمه وأخيه هارون . ومن ذلك الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد (١) عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس قال: قال رسول الله لما قال فرعون (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل) قال: " قال لي جبريل لو رأيتني وقد أخذت من حال البحر فدسسته في فيه مخافة أن تناله الرحمة " ورواه الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم عند هذه الآية من حديث حماد بن سلمة وقال الترمذي حديث حسن. وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا شعبة، عن عدي بن ثابت (٢) وعطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : " قال لي جبريل لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسه في فم فرعون مخافة أن تدركه (٣) الرحمة ". ورواه الترمذي وابن جرير من حديث شعبة وقال الترمذي حسن غريب صحيح. وأشار ابن جرير في رواية إلى وقفه. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن عمر بن عبد الله بن يعلى الثقفي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما أغرق الله فرعون أشار بإصبعه ورفع صوته (آمنت انه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل) قال: فخاف جبريل أن تسبق رحمة الله فيه غضبه، فجعل يأخذ الحال بجناحيه، فيضرب به وجهه فيرمسه (٤) … ورواه ابن جرير من حديث أبي خالد


(١) وهو علي بن زيد بن عبد الله بن زهير بن عبد الله بن جدعان التيمي البصري الضرير. ضعيف من الرابعة، ليس بالثبت سمع سعيد بن المسيب وجماعة. قال الدارقطني: لا يزال عندي فيه لين مات سنة ١٣١ تقريب التهذيب ٢/ ٣٧/ ٣٤٢ الكاشف ٢/ ٢٤٨ والحديث أخرجه أحمد في مسنده ج ١/ ٣٤٥.
(٢) هو عدي بن ثابت الأنصاري تابعي كوفي في نسبه اختلاف روى عن أبيه والبراء وابن أبي أوفى، ثقة قاضي الشيعة وإمام مسجدهم بالكوفة توفي سنة ١١٦. الكاشف ٢/ ٢٢٦; تقريب التهذيب ٢/ ١٦/ ١٣٥ والحديث أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده ٢/ ٥٤/ ٢٣٠٧.
(٣) في النسخ المطبوعة: أن تناله، وأثبتنا ما في مسند الطيالسي: أن تدركه.
(٤) يرمسه: يدفنه;

<<  <  ج: ص:  >  >>