ثارت الحسين. فاجتمع الناس إليه من ههنا وههنا، وجاء شبث بن ربعي فاقتتل هو والمختار عند داره وحصره حتى جاء ابن الأشتر فطرده عنه، فرجع شبث إلى ابن مطيع وأشار عليه بأن يجمع الامراء إليه، وأن ينهض بنفسه، فإن أمر المختار قد قوي واستفحل، وجاءت الشيعة من كل فج عميق إلى المختار، فاجتمع إليه في أثناء الليل قريب من أربعة آلاف، فأصبح وقد عبى جيشه وصلى بهم الصبح، فقرأ فيها: … (والنازعات غرقا) … و … (عبس وتولى) … في الثانية قال بعض من سمعه: فما سمعت إماما أفصح لهجة منه، وقد جهز ابن مطيع جيشه (١) ثلاثة آلاف عليهم شبث بن ربعي، وأربعة آلاف أخرى مع راشد بن إياس بن مضارب، فوجه المختار ابن الأشتر في ستمائة فارس وستمائة راجل إلى راشد بن إياس، وبعث نعيم بن هبيرة في ثلاثمائة فارس وستمائة راجل إلى شبث بن ربعي، فأما ابن الأشتر فإنه هزم قرنه راشد بن إياس وقتله وأرسل إلى المختار يبشره، وأما نعيم بن هبيرة فإنه لقي شبث بن ربعي فهزمه شبث وقتله وجاء فأحاط بالمختار وحصره. وأقبل إبراهيم بن الأشتر نحوه فاعترض له حسان بن فائد بن العبسي في نحو من ألفي فارس من جهة ابن مطيع، فاقتتلوا ساعة. فهزمه إبراهيم، ثم أقبل نحو المختار فوجد شبث بن ربعي قد حصر المختار وجيشه، فما زال حتى طردهم فكروا راجعين، وخلص إبراهيم إلى المختار، وارتحلوا من مكانهم ذلك إلى غيره في ظاهر الكوفة، فقال له إبراهيم بن الأشتر اعمد بنا إلى قصر الامارة فليس دونه أحد يرد عنه، فوضعوا ما معهم من الأثقال، وأجلسوا هنالك ضعفة المشايخ والرجال، واستخلف على من هنالك أبا عثمان النهدي، وبعث بين يديه ابن الأشتر، وعبأ المختار جيشه كما كان، وسار نحو القصر، فبعث ابن مطيع عمرو بن الحجاج في ألفي رجل، فبعث إليه المختار يزيد بن أنس وسار هو وابن الأشتر أمامه حتى دخل الكوفة من باب الكناسة، وأرسل ابن مطيع شمر بن ذي الجوشن الذي قتل الحسين في ألفين آخرين، فبعث إليه المختار سعد بن منقذ الهمداني، وسار المختار حتى انتهى إلى سكة شبث. وإذا نوفل بن مساحق بن عبد الله بن مخرمة في خمسة آلاف وخرج ابن مطيع من القصر في الناس، واستخلف عليه شبث بن ربعي، فتقدم ابن الأشتر إلى الجيش الذي مع ابن مساحق، فكان بينهم قتال شديد، قتل فيه رفاعة بن شداد أمير جيش التوابين الذين قدم بهم، وعبد الله بن سعد وجماعة غيرهم، ثم انتصر عليهم ابن الأشتر فهزمهم، وأخذ بلجام دابة ابن مساحق فمت إليه بالقرابة،
(١) في ابن الأعثم ٦/ ١٠٦: " وجعل عبد الله بن مطيع يوجه إليه بالكراديس كردوسا بعد كردوس، فأول كردوس زحف إلى المختار شبث بن ربعي الرياحي في أربعة آلاف، وراشد بن إياس بن مضارب العجلي في ثلاثة آلاف وحجار بن أبجر العجلي في ثلاثة آلاف، والغضبان بن القبثري [وهو من بني همام بن مرة مشهور، ولم نجده لا في الطبري ولا في ابن الأثير] في ثلاثة آلاف، والشمر بن ذي الجوشن في ثلاثة آلاف، وعكرمة بن ربعي في ألف، وشداد بن المنذر في ألف وسويد بن عبد الرحمن في ألف قال: فزحفت الخيل نحو المختار في عشرين ألف فارس أو يزيدون ".