للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخلي سبيله فيذهب في أرض الله فقالوا له: إلا على حكم الأمير. والمقصود أنه لما خرج من القصر تقدم إليه رجلان شقيقان أخوان، وهما طرفة وطراف ابنا عبد الله بن دجاجة من بني حنيفة (١)، فقتلاه بمكان الزياتين من الكوفة، واحتزا رأسه وأتيا به إلى مصعب بن الزبير، وقد دخل قصر الامارة، فوضع بين يديه، كما وضع رأس ابن زياد بين يدي المختار، وكما وضع رأس الحسين بين يدي ابن زياد، وكما سيوضع رأس مصعب بين يدي عبد الملك بن مروان، فلما وضع رأس المختار بين يدي مصعب أمر لهما بثلاثين ألفا.

وقد قتل مصعب جماعة من المختارية، وأسر منهم خمسمائة أسير (٢)، فضرب أعناقهم عن آخرهم في يوم واحد، وقد قتل من أصحاب مصعب في الوقعة محمد بن الأشعث بن قيس (٣)، وأمر مصعب بكف المختار فقطعت وسمرت إلى جانب المسجد، فلم يزل هنالك حتى قدم الحجاج، فسأل عنها فقيل له هي كف المختار، فأمر بها فرفعت وانتزعت من هنالك، لان المختار كان من قبيلة الحجاج. والمختار هو الكذاب، والمبير الحجاج، ولهذا أخذ الحجاج بثأره من ابن الزبير فقتله وصلبه شهورا، وقد سأل مصعب أم ثابت بنت سمرة بن جندب امرأة المختار عنه فقالت: ما عسى أن أقول فيه إلا ما تقولون أنتم فيه، فتركها واستدعى بزوجته الأخرى وهي عمرة بنت النعمان بن بشير فقال لها: ما تقولين فيه؟ فقالت: لقد كان عبدا من عباد الله الصالحين، فسجنها وكتب إلى أخيه إنها تقول إنه نبي فكتب إليه أن أخرجها فاقتلها، فأخرجها إلى ظاهر البلد فضربت ضربات حتى ماتت، فقال في ذلك عمر بن أبي رمثة المخزومي (٤).

إن من أعجب العجائب (٥) عندي … قتل بيضاء حرة عطبول

قتلت هكذا على (٦) غير جرم … إن لله درها من قتيل

كتب القتل والقتال علينا … وعلى الغانيات (٧) جر الذيول


(١) في مروج الذهب: ٣/ ١١٨ قتله رجل من بني حنيفة يقال له عبد الرحمن بن أسد واحتز رأسه. وفي الاخبار الطوال ص ٣٠٨: قتله اخوان من بني حنيفة من أصحاب المهلب.
(٢) في الإمامة والسياسة ٢/ ٢٥: قتل ثمانية آلاف صبرا. وفي الاخبار الطوال ص ٣٠٩: كانوا ستة آلاف.
(٣) في مروج الذهب ٣/ ١١٨ زاد: وابنان له.
(٤) في الطبري ٧/ ١٥٨: عمر بن أبي ربيعة القرشي، وفي ابن الأثير ٤/ ٢٧٥: عمر بن أبي ربيعة المخزومي وفي
مروج الذهب ٣/ ١١٩: ففي ذلك يقول الشاعر، وفي ابن الأعثم ٦/ ٢٠٠: فقال بعضهم في ذلك.
(٥) في مروج الذهب: الأعاجيب، والعطبول: المرأة الفتية الجميلة الطويلة العنق.
(٦) في مروج الذهب: قتلوها ظلما على غير جرم.
(٧) في الطبري وابن الأعثم وابن الأثير: المحصنات.

<<  <  ج: ص:  >  >>