للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عشر (١) سنين مختون. زاد هشام: وقد جمعت المحكم على عهد رسول الله . قلت: وما المحكم؟ قال: المفصل. وقال أبو داود الطيالسي عن شعبة عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قبض رسول الله وأنا ابن خمس عشرة سنة مختون، وهذا هو الأصح ويؤيده صحة ما ثبت في الصحيحين، ورواه مالك عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس قال: أقبلت راكبا على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت وأرسلت الأتان ترتع ودخلت في الصف، فلم ينكر علي ذلك أحد. وثبت عنه في الصحيح أنه قال: كنت أنا وأمي من المستضعفين، كانت أمي من النساء وكنت أنا من الولدان، وهاجر مع أبيه الفتح، فاتفق لقياهما النبي بالجحفة، وهو ذاهب لفتح مكة، فشهد الفتح وحنينا والطائف عام ثمان، وقيل كان في سنة تسع وحجة الوداع سنة عشر، وصحب النبي حينئذ ولزمه، وأخذ عنه وحفظ وضبط الأقوال والافعال والأحوال، وأخذ عن الصحابة علما عظيما مع الفهم الثاقب، والبلاغة والفصاحة والجمال والملاحة، والأصالة والبيان، ودعا له رسول الرحمن ، كما وردت به الأحاديث الثابتة الأركان، أن رسول الله " دعا له بأن يعلمه التأويل، وأن يفقهه في الدين ". وقال الزبير بن بكار: حدثني ساعدة بن عبيد الله المزني، عن داود بن عطاء، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر أنه قال: إن عمر كان يدعو عبد الله بن عباس فيقربه ويقول: إني رأيت رسول الله دعاك يوما فمسح رأسك وتفل في فيك وقال: " اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل ". وبه أن رسول الله قال: " اللهم بارك فيه وانشر منه ". وقال حماد بن سلمة عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قال: بت في بيت خالتي ميمونة فوضعت للنبي غسلا، فقال: " من وضع هذا؟ قالوا: عبد الله بن عباس، فقال: اللهم علمه التأويل، وفقهه في الدين ". وقد رواه غير واحد عن ابن خيثم بنحوه.

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن بكير بن أبي صفرة، أبو يونس، عن عمرو بن دينار: أن كريبا أخبره أن ابن عباس قال: أتيت رسول الله من آخر الليل فصليت خلفه فأخذ بيدي فجرني حتى جعلني حذاءه، فلما أقبل رسول الله على صلاته خنست فصلى رسول الله فلما انصرف من صلاته قال: " ما شأني أجعلك في حذائي فتخنس " (٢)؟ فقلت: يا رسول الله أو ينبغي لاحد أن يصلي في حذائك وأنت رسول الله الذي أعطاك الله ﷿؟ قال: فأعجبته


(١) قال ابن حجر في الإصابة ٢/ ٣٣٠: قوله ان عشر سنين محمول على إلغاء الكسر. قال: والأثبت قبل الهجرة بثلاث سنين. وهو يقارب ما في الصحيحين. وقال ابن عبد البر - معلقا على قول أحمد بن حنبل: " والصواب ابن خمس عشرة سنة " -: " وما قاله أهل السير والعلم بأيام الناس عندي أصح والله أعلم وهو قولهم أن ابن عباس كان ابن ثلاث عشرة سنة يوم توفي رسول الله ".
(٢) مسند الإمام أحمد: ١/ ٣٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>