عبد الله القرشي، ويقال له أبو عيسى أيضا الأسدي، وأمه كرمان بنت أنيف الكلبية، كان من أحسن الناس وجها، وأشجعهم قلبا. وأسخاهم كفا، وقد حكى عن عمر بن الخطاب، وروى عن أبيه الزبير وسعد وأبي سعيد الخدري، وروى عنه الحكم بن عيينة وعمرو بن دينار الجمحي، وإسماعيل بن أبي خالد، ووفد على معاوية، وكان ممن يجالس أبا هريرة، وكان من أحسن الناس وجها، حكى الزبير بن بكار: أن جميلا نظر إليه وهو واقف بعرفة فقال: إن ههنا فتى أكره أن تراه بثينة، وقال الشعبي: ما رأيت أميرا على منبر قط أحسن منه، وكذا قال إسماعيل بن خالد. وقال الحسن هو أجمل أهل البصرة، وقال الخطيب البغدادي: ولي إمرة العراقين لأخيه عبد الله حتى قتله عبد الملك بمسكن بموضع قريب من أوانا على نهر دجيل عند دير الجاثليق، وقبره إلى الآن معروف هناك. وقد ذكرنا صفة مقتله المختار بن أبي عبيد، وأنه قتل في غداة واحدة من أصحاب المختار سبعة آلاف، قال الواقدي: لما قتل مصعب المختار طلب أهل القصر من أصحاب المختار من مصعب الأمان فأمنهم، ثم بعث إليهم عباد بن الحصين فجعل يخرجهم ملتفين، فقال له الرجل: الحمد لله الذي نصركم علينا وابتلانا بالأسر، يا بن الزبير من عفا عفا الله عنه، ومن عاقب لا يأمن القصاص، نحن أهل قبلتكم وعلى ملتكم وقد قدرت فاسمح واعف عنا، قال: فرق لهم مصعب وأراد أن يخلي سبيلهم، فقام عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث وغيره من كل قبيلة فقالوا: قد قتلوا أولادنا وعشائرنا وجرحوا منا خلقا، اخترنا أو اخترهم، فأمر حينئذ بقتلهم، فنادوا بأجمعهم: لا تقتلنا واجعلنا مقدمتك في قتال عبد الملك بن مروان، فإن ظفرنا فلكم، وإن قتلنا لا نقتل حتى نقتل منهم طائفة، وكان الذي تريد، فأبى ذلك مصعب، فقال له مسافر: اتق الله يا مصعب، فإن الله ﷿ أمرك أن لا تقتل نفسا مسلمة بغير نفس، وإن: … (من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما) * [النساء: ٩٣] فلم يسمع له بل أمر بضرب رقابهم جميعهم وكانوا سبعة آلاف نفس، ثم كتب مصعب إلى ابن الأشتر أن أجبني فلك الشام وأعنة الخيل، فسار ابن الأشتر إلى مصعب. وقيل إن مصعبا لما قدم مكة أتى عبد الله بن عمر فقال: أي عم: إني أسألك عن قوم خلعوا الطاعة وقاتلوا حتى غلبوا تحصنوا وسألوا الأمان فأعطوه ثم قتلوا بعد ذلك. فقال: وكم هم؟ فقال: خمسة آلاف، فسبح ابن عمر واسترجع وقال: لو أن رجلا أتى ماشية الزبير فذبح منها خمسة آلاف ماشية في غداة واحدة ألست تعده مسرفا؟ قال: نعم: قال: أفتراه إسرافا في البهائم ولا تراه إسرافا في من ترجو توبته؟ يا بن أخي أصب من الماء البارد ما استطعت في دنياك. ثم إن مصعبا بعث برأس المختار إلى أخيه بمكة وتمكن مصعب في العراق تمكنا زائدا، فقرر بها الويالات والعمال، وحظي عنده ابن الأشتر فجعله على الوفادة، ثم رحل مصعب إلى أخيه بمكة فأعلمه بما فعل فأقره على ما صنع، إلا ابن الأشتر لم يمض له ما جعله عليه، وقال له: أتراني أحب الأشتر وهو الذي جرحني هذه الجراحة، ثم استدعى بمن قدم مع مصعب من أهل العراق فقال لهم: والله لوددت