للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبي بكر مثل حبها ابن الزبير، قال: وما رأيت أبي وعائشة يدعوان لاحد من الخلق مثل دعائهما لابن الزبير.

وقال الزبير بن بكار: حدثني أخي هارون بن أبي بكر، عن يحيى بن إبراهيم، عن سليمان بن محمد، عن يحيى بن عروة، عن عمه عن عبد الله بن عروة قال أفحمت ألسنة نابغة بني جعدة فدخل على عبد الله بن الزبير المسجد الحرام فأنشد هذه الأبيات:

حكيت لنا الصديق لما وليتها … وعثمان وفاروق فارتاح معدم

وسويت بين الناس في الحق فاستووا … فعاد صباحا حالك اللون مظلم

أتاك أبو ليلى يجوب به الدجا … دجى الليل جواب الفلاة غشمشم

لتجير منه جائيا غدرت به … صروف الليالي والزمان المصمم

فقال له ابن الزبير: هون عليك أبا ليلى. فإن الشعر أهون رسائلك عندنا، أما صفوه فما لنا فلآل الزبير، وأما عفوه فإن بني أسد يشغلها عنك وتيما، ولكن لك في مال الله حقان، حق لرؤيتك لرسول الله ، وحق لشركتك أهل الاسلام في فيئهم، ثم أخذ بيده فأدخله دار النعم فأعطاه قلائص سبعا وجملا وخيلا، وأوقر له الركاب برا وتمرا وثيابا، فجعل النابغة يستعجل ويأكل الحب صرفا، فقال له ابن الزبير: ويح أبي ليلى، لقد بلغ الجهد. فقال النابغة: أشهد لسمعت رسول الله يقول: " ما وليت قريش وعدلت، واسترحمت فرحمت وحدثت فصدقت، ووعدت خيرا فأنجزت، فأنا والنبيون فرط العاصفين ".

وقال محمد بن مروان صاحب كتاب المجالسة: أخبرني خبيب بن نصير الأزدي ثنا محمد بن دينار الضبي، ثنا هشام بن سليمان المخزومي، عن أبيه قال: أذن معاوية للناس يوما فدخلوا عليه فاحتفل المجلس وهو على سريره، فأجال بصره فيهم فقال: أنشدوني لقدماء العرب ثلاثة أبيات جامعة من أجمع ما قالتها العرب، ثم قال: يا أبا خبيب فقال: مهيم، قال أنشد ذلك، فقال: نعم يا أمير المؤمنين بثلاثمائة ألف كل بيت بمائة ألف، قال: نعم إن ساوت، قال أنت بالخيار، وأنت واف كاف، فأنشده للأفوه الأزدي:

بلوت الناس قرنا بعد قرن … فلم أر غير ختال وقال

فقال معاوية صدق

ولم أر في الخطوب أشد وقعا … وكيدا من معادات الرجال

فقال معاوية صدق

وذقت مرارة الأشياء طرا … فما شئ أمر من السؤال

فقال صدق

<<  <  ج: ص:  >  >>