للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تدهده. وقد ثبت في الصحيحين (١) من طريق عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني الأنصاري عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : " لا تخيروني من بين الأنبياء فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أو جوزي بصعقة الطور " لفظ البخاري وفي أوله قصة اليهودي الذي لطم وجهه الأنصاري حين قال لا والذي اصطفى موسى على البشر فقال رسول الله: " لا تخيروني من بين الأنبياء " (٢). وفي الصحيحين من طريق الزهري عن أبي سلمة وعبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي بنحوه وفيه: " لا تخيروني على موسى " (٣) وذكر تمامه. وهذا من باب الهضم والتواضع أو نهي عن التفصيل بين الأنبياء على وجه الغضب والعصبية أوليس هذا إليكم بل الله هو الذي رفع بعضهم فوق بعض درجات وليس ينال هذا بمجرد الرأي بل بالتوقيف. ومن قال: إن هذا قاله قبل أن يعلم أنه أفضل ثم نسخ باطلاعه على أفضليته عليهم كلهم ففي قوله نظر، لان هذا من رواية أبي سعيد وأبي هريرة وما هاجر أبو هريرة إلا عام حنين متأخرا فيبعد أنه لم يعلم بهذا، إلا بعد هذا، والله أعلم، ولا شك أنه صلوات الله وسلامه عليه أفضل البشر، بل الخليفة. قال الله تعالى (وكنتم خير أمة أخرجت للناس) آل عمران: ١١٠] وما كملوا إلا بشرف نبيهم. وثبت بالتواتر عنه، صلوات الله وسلامه عليه، أنه قال: " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر " (٤) ثم ذكر اختصاصه بالمقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون، الذي تحيد عنه الأنبياء والمرسلون، حتى أولو العزم الأكملون، نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم. وقوله : " فأكون أول من يفيق فأجد موسى باطشا بقائمة العرش) أي آخذا بها، " فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور " (٥) دليل على أن هذا الصعق الذي يحصل للخلائق في عرصات القيامة، حين يتجلى الرب لفصل القضاء بين عباده، فيصعقون من شدة الهيبة والعظمة والجلاء (٦) فيكون أولهم إفاقة محمد خاتم الأنبياء، ومصطفى رب الأرض والسماء على سائر الأنبياء، فيجد موسى باطشا بقائمة العرش قال الصادق المصدوق: " لا أدري أصعق فأفاق قبلي؟ " أي وكانت صعقته خفيفة، لأنه قد ناله بهذا السبب في الدنيا صعق " أو جوزي بصعقة الطور؟ " يعني فلم يصعق بالكلية. وهذا فيه شرف كبير لموسى من هذه الحيثية. ولا يلزم تفضيله بها مطلقا من كل وجه … ولهذا نبه رسول الله على شرفه وفضيلته بهذه الصفة،


(١) البخاري في ٤٤ كتاب الخصومات ١ باب ما يذكر في الأشخاص ..
ومسلم في ٤٣ كتاب الفضائل (ح ١٦٣) ص ٤/ ١٨٤٥.
ورواه أحمد في مسنده من طريق أبي هريرة. ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجة والبيهقي في الدلائل ج ٥/ ٤٩٣.
(٢) صحيح البخاري ٦٠/ ١٣/ ٣٤٠٨ فتح الباري.
(٣) في صحيح مسلم (ح ١٦٠) والبخاري كتاب الخصومات (٤٤) (١) باب.
(٤) أخرجه البيهقي في الدلائل ج ٥/ ٤٨١ عن ابن عباس من طريق علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف، تقدم التعليق.
(تعليق الشاملة): ذكر المصنف أنه ثبت بالتواتر. وممن أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة
(٥) تقدم التعليق وتخريج الحديث; فليراجع.
(٦) في نسخة مطبوعة: " والجلال " وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>