للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثني عشر ألفا (١)، فخرج إليه ملكها أدرينوق (٢) في جحافلة وعليه تاجه ومعه سرير ملكه، فقاتله طارق فهزمه وغنم ما في معسكره، فكان من جملة ذلك السرير، وتملك بلاد الأندلس بكمالها، قال الذهبي: كان طارق بن زياد أمير طنجة وهي أقصى بلاد المغرب، وكان نائبا لمولاه موسى بن نصير، فكتب إليه صاحب الجزيرة الخضراء (٣) يستنجد به على عدوه، فدخل طارق إلى جزيرة الأندلس من زقاق سبتة وانتهز الفرصة لكون الفرنج قد اقتتلوا فيما بينهم، وأمعن طارق في بلاد الأندلس فافتتح قرطبة وقتل ملكها أدرينوق (٤)، وكتب إلى موسى بن نصير بالفتح، فحسده موسى على الانفراد بهذا الفتح، وكتب إلى الوليد يبشره بالفتح وينسبه إلى نفسه، وكتب إلى طارق يتوعده لكونه دخل بغير أمره، ويأمره أن لا يتجاوز مكانه حتى يلحق به، ثم سار إليه مسرعا بجيوشه فدخل الأندلس ومعه حبيب بن أبي عبيدة الفهري، فأقام سنين يفتح في بلاد الأندلس ويأخذ المدن والأموال، ويقتل الرجال ويأسر النساء والأطفال، فغنم شيئا لا يحد ولا يوصف ولا يعد، من الجواهر واليواقيت والذهب والفضة، ومن آنية الذهب والفضة والأثاث والخيول والبغال وغير ذلك شيئا كثيرا، وفتح من الأقاليم الكبار والمدن شيئا كثيرا. وكان مما فتح مسلمة وابن أخيه عمر بن الوليد من حصون بلاد الروم حصن سوسنة وبلغا إلى خليج القسطنطينية.

وفيها فتح قتيبة بن مسلم شومان وكش ونسف، وامتنع عليه أهل فرياب فأحرقها، وجهز


(١) في الإمامة والسياسة: ص ٢/ ٧٣ في ألف رجل وسبعمائة.
(٢) في ابن الأثير ٤/ ٥٦١ رذريق. وفي العيون والحدائق ص ٣: الاذريق، وهو يقول إنه لقب ملوك الأندلس كما هو لقب الأكاسرة. وفي الإمامة والسياسة ٢/ ٧٣ لذريق.
وفي رواية ابن الأثير: ان غيطشة الملك توفي وخلف ولدين فلم يرض بهما أهل الأندلس وتراضوا برجل يقال له رذريق - ولم يكن رذريق من بيت الملك بل كان من النبلاء.
(٣) الجزيرة الخضراء: مدينة مشهورة بالأندلس، قبالتها من البر بلاد البربر سبتة، وهي على نهر برباط وأقربها من البحر الأعظم بينهما ثمانية عشر ميلا (معجم البلدان).
وفي ابن الأثير ان صاحبها يوليان، وهو أيضا صاحب سبتة. وفي السبب الذي جعله يستنجد بطارق بن زياد أقوال - المشهور منها - أن يليان كان يريد الثأر لشرف ابنته فلورندا - والمشهورة باسم cava والتي كانت تخدم في بلاط روذريق كما هي عادة ملوك الأندلس - فاعتدى روذريق على شرفها فكتبت إلى أبيها فأغضبه ذلك فكتب إلى موسى بن نصير يطلب مساعدته ويحرضه على غزو الأندلس. (ابن الأثير ٤/ ٥٦١ أخبار مجموعة ص ٥ - ٦). ولا يمكن اعتباره سببا مباشرا للغزو لتناقض نصوص الرواية. فابن القوطية يروي ان يليان تاجرا من الروم كان يدخل قصر الملك للتجارة (ص ٧ - ٨) ويشك قولتير في أن الملك انتهك عرضها واعتدى على عفافها.
أما السبب الأرجح فهو من جهة وضع الأندلس وتردي الحالة السياسية والاضطراب والفوضى الداخلية وتردي الأوضاع الاجتماعية (المجاعة - الطاعون) ومن جهة ثانية شعور العرب بضعفها وتوثبهم لمزيد من الفتح، يضاف إليه أمر هام وهو العلاقة المتوترة التي كانت تسود بين العرب والقوط.
(٤) في ابن الأثير ٤/ ٥٦٣: غرق في النهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>