للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمره، ثم هو مع هذا بقية من بقايا أصحابه، فإذا قرأت كتابي هذا فكن أطوع له من خفه ونعله، وإلا أتاك مني سهم بكل حتف قاض، ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون وقد تكلم ابن طرار على ما وقع في هذا الكتاب من الغريب، وكذلك ابن قتيبة وغيرهما من أئمة اللغة والله أعلم.

وقال الإمام أحمد: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان عن الزبير - يعني ابن عدي - قال: أتينا أنس بن مالك نشكو إليه ما نلقى من الحجاج، فقال: اصبروا فإنه لا يأتي عليكم عام أو زمان أو يوم إلا والذي بعده شر منه، حتى تلقوا ربكم ﷿، سمعته من نبيكم (١) وهذا رواه البخاري عن محمد بن يوسف، عن سفيان وهو الثوري عن الزبير بن عدي عن أنس قال: " لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه " الحديث. قلت: ومن الناس من يروي هذا الحديث بالمعنى فيقول: كل عام ترذلون. وهذا اللفظ لا أصل له، وإنما هو مأخوذ من معنى هذا الحديث، والله أعلم.

قلت: قد مر بي مرة من كلام عائشة مرفوعا وموقوفا: كل يوم ترذلون. ورأيت للإمام أحمد كلاما قال فيه: وروي في الحديث كل يوم ترذلون نسما خبيثا. فيحتمل هذا أنه وقع للإمام أحمد مرفوعا، ومثل أحمد لا يقول هذا إلا عن أصل، وقد روي عن الحسن مثل ذلك، والله أعلم. فدل على أن له أصلا إما مرفوعا وإما من كلام السلف، لم يزل يتناوله الناس قرنا بعد قرن، وجيلا بعد جيل، حتى وصل إلى هذه الأزمان، وهو موجود في كل يوم، بل في كل ساعة تفوح رائحته، ولا سيما من بعد فتنة تمرلنك، وإلى الآن نجد الرذالة في كل شئ، وهذا ظاهر لمن تأمله، والله أعلم.

وقد قال سفيان الثوري: عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي. قال: يأتي على الناس زمان يصلون فيه على الحجاج. وقال أبو نعيم عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي السفر. قال: قال الشعبي: والله لئن بقيتم لتمنون الحجاج. وقال الأصمعي: قيل للحسن: إنك تقول: الآخر شر من الأول، وهذا عمر بن عبد العزيز بعد الحجاج. فقال الحسن: لا بد للناس من تنفيسات. وقال ميمون بن مهران: بعث الحجاج إلى الحسن وقد هم به، فلما قام بين يديه قال: يا حجاج كم بينك وبين آدم من أب؟ قال: كثير، قال: فأين هم؟ قال: ماتوا قال: فنكس الحجاج رأسه وخرج الحسن. وقال أيوب السختياني: إن الحجاج أراد قتل الحسن مرارا فعصمه الله منه، وقد ذكر له معه مناظرات، على أن الحسن لم يكن ممن يرى الخروج عليه، وكان ينهى أصحاب ابن الأشعث عن ذلك، وإنما خرج معهم مكرها كما قدمنا، وكان الحسن يقول: إنما هو نقمة فلا تقابل نقمة الله بالسيف، وعليكم بالصبر والسكينة والتضرع. وقال ابن دريد عن الحسن بن الخضر


(١) مسند أحمد ٣/ ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>