للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعقلون) [البقرة: ٦٧ - ٧٣] قال ابن عباس وعبيدة السلماني وأبو العالية ومجاهد والسدي وغير واحد من السلف: كان رجل (١) في بني إسرائيل كثير المال، وكان شيخا كبيرا، وله بنو أخ وكانوا يتمنون موته ليرثوه، فعمد أحدهم فقتله في الليل وطرحه في مجمع الطرق، ويقال على باب رجل منهم، فلما أصبح الناس اختصموا فيه، وجاء ابن أخيه فجعل يصرخ ويتظلم، فقالوا ما لكم تختصمون ولا تأتون نبي الله، فجاء ابن أخيه فشكى أمر عمه إلى (٢) رسول الله موسى فقال موسى : أنشد الله رجلا عنده علم من أمر هذا القتيل إلا أعلمنا به فلم يكن عند أحد منهم علم منه، وسألوه أن يسأل في هذه القضية ربه ﷿ فسأل ربه ﷿ في ذلك فأمره الله أن يأمرهم بذبح بقرة؟ فقال: (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا) يعنون نحن نسأل عن أمر هذا القتيل، وأنت تقول هذا (قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) أي أعوذ بالله أن أقول عنه غير ما أوحى إلي. وهذا هو الذي أجابني حين سألته عما سألتموني عنه أن أسأله فيه. قال ابن عباس وعبيدة ومجاهد وعكرمة والسدي وأبو العالية وغير واحد فلو أنهم عمدوا إلى أي بقرة فذبحوها لحصل المقصود منها، ولكنهم شددوا، فشدد عليهم، وقد ورد فيه حديث مرفوع. وفي إسناده ضعف فسألوا عن صفتها ثم عن لونها ثم عن سنها فأجيبوا بما عز وجوده عليهم، وقد ذكرنا في تفسير ذلك كله في التفسير. والمقصود أنهم أمروا بذبح بقرة عوان وهي الوسط بين النصف (٣)، الفارض وهي الكبيرة (٤)، والبكر وهي الصغيرة، قاله ابن عباس ومجاهد وأبو العالية وعكرمة والحسن وقتادة وجماعة. ثم شددوا وضيقوا على أنفسهم فسألوا عن لونها فأمروا بصفراء فاقع لونها أي مشرب بحمرة تسر الناظرين … وهذا اللون عزيز. ثم شددوا أيضا (فقالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون) ففي الحديث المرفوع الذي رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه: " لولا أن بني إسرائيل استثنوا لما أعطوا (٥) وفي صحته نظر، والله أعلم (قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لاشية فيها. قالوا ألآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون) وهذه الصفات أضيق مما تقدم حيث أمروا بذبح بقرة ليست بالذلول وهي المذللة بالحراثة وسقي الأرض بالسانية مسلمة وهي


(١) اسمه عاميل كما في أحكام القرآن.
(٢) وكان هذا الامر قبل نزول القسامة في التوراة; والقسامة أن يبدأ المدعون بالايمان فإن حلفوا استحقوا، وإن نكلوا حلف المدعي عليهم خمسين يمينا وبرءوا.
(٣) عوان: النصف التي ولدت بطنا أو بطنين.
(٤) الفارض: أي المسنة، وقيل التي ولدت بطونا كثيرة فيتسع جوفها لذلك.
(٥) رواه الهيثمي في مجمع الزوائد ٦/ ٣١٤ وقال: رواه البزار وفيه عباد بن منصور وهو ضعيف وبقية رجاله ثقات.
عباد بن منصور: الناجي، قال النسائي ليس بالقوي/ الكاشف ج ٢/ ٥٦. أبو سلمة البصري صدوق رمي بالقدر وكان يدلس تغير بآخرة تقريب التهذيب ٢/ ١٠٧/ ٣٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>