وقال ابن عساكر: قرأت على أبي محمد السلمي، عن عبد العزيز التميمي، أنبأ تمام الرازي، ثنا ابن البرامي سمعت أبا مروان عبد الرحمن بن عمر المازني يقول: لما كان في أيام الوليد بن عبد الملك وبنائه المسجد احتفروا فيه موضعا فوجدوا بابا من حجارة مغلقا، فلم يفتحوه وأعلموا به الوليد، فخرج حتى وقف عليه، وفتح بين يديه، فإذا داخله مغارة فيها تمثال إنسان من حجارة، على فرس من حجارة، في يد التمثال الواحدة الدرة التي كانت في المحراب، ويده الأخرى مقبوضة، فأمر بها فكسرت، فإذا فيها حبتان، حبة قمح وحبة شعير، فسأل عن ذلك فقيل له لو تركت الكف لم تكسرها لم يسوس في هذا البلد قمح ولا شعير. وقال الحافظ أبو حمدان الوراق - وكان قد عمر مائة سنة -: سمعت بعض الشيوخ يقول: لما دخل المسلمون دمشق وجدوا على العمود الذي على المقسلاط - على السفود الحديد الذي في أعلاه - صنما مادا يده بكف مطبقة، فكسروه فإذا في يده حبة قمح، فسألوا عن ذلك فقيل لهم: هذه الحبة قمح جعلها حكماء اليونان في كف هذا الصنم طلسما، حتى لا يسوس القمح في هذه البلاد، ولو أقام سنين كثيرة. قال ابن عساكر: وقد رأيت أنا في هذا السفود على قناطر كنيسة المقسلاط كانت مبنية فوق القناطر التي في السوق الكبير، عند الصابونيين والعطارين اليوم، وعندها اجتمعت جيوش الاسلام يوم فتح دمشق، أبو عبيدة من باب الجابية، وخالد من باب الشرقي، ويزيد بن أبي سفيان من باب الجابية الصغير. وقال عبد العزيز التميمي عن أبي نصر عبد الوهاب بن عبد الله المري: سمعت جماعة من شيوخ أهل دمشق يقولون: إن في سقف الجامع طلاسم عملها الحكماء في السقف مما يلي الحائط القبلي، فيها طلاسم للصنونيات، لا تدخله ولا تعشش فيه من جهة الأوساخ التي تكون منها، ولا يدخله غراب، وطلسم للفأر والحيات والعقارب، فما رأى الناس من هذا شيئا إلا الفأر، ويشك أن يكون قد عدم طلسمها، وطلسم للعنكبوت حتى لا ينسج فيه، وفي رواية فيركبه الغبار والوسخ. قال الحافظ ابن عساكر: وسمعت جدي أبا الفضل يحيى بن علي يذكر أنه أدرك في الجامع قبل حريقه طلسمات لسائر الحشرات، معلقة في السقف فوق البطائن مما يلي السبع، وأنه لم يكن يوجد في الجامع شئ من الحشرات قبل الحريق. فلما احترقت الطلسمات حين أحرق الجامع ليلة النصف من شعبان بعد العصر سنة إحدى وستين وأربعمائة، وقد كانت بدمشق طلسمات كثيرة، ولو يبق منها سوى العمود الذي بسوق العلبيين الذي في أعلاه مثل الكرة العظيمة، وهي لعسر بول الدواب، إذا داروا بالدابة حوله ثلاث مرات انطلق باطنها. وقد كان شيخنا ابن تيمية ﵀ يقول: إنما هذا قبر مشرك مفرد مدفون هنالك يعذب، فإذا سمعت الدابة صراخه فزعت فانطلق باطنها وطبعها، قال: ولهذا يذهبون بالدواب إلى مقابر اليهود والنصارى إذا مغلت فتنطلق طباعها وتروث، وما ذاك إلا أنها تسمع أصواتهم وهم يعذبون والله أعلم.