للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ عِلْمٌ.

قَالَ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا الحرث بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَحْصُبِيُّ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عباس الغساني، عن بن حُجَيْرَةَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَفَعَهُ قَالَ إِنَّ الْكَنْزَ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ لَوْحٌ من الذهب مُصْمَتٍ: عَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْقَدَرِ كَيْفَ نَصِبَ وعجبت لمن ذكر النار لم ضحك، وعجبت لمن ذكر الموت كيف غَفَلَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.

وَهَكَذَا رُوِيَ عن الحسن البصري وعمر مولى عفرة وَجَعْفَرٍ الصَّادِقِ نَحْوُ هَذَا وَقَوْلُهُ (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً) وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ كَانَ الْأَبَ السَّابِعَ وَقِيلَ الْعَاشِرَ.

وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ الصَّالِحَ يُحْفَظُ فِي ذُرِّيَّتِهِ فَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

وَقَوْلُهُ (رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ نَبِيًّا وَأَنَّهُ مَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ بَلْ بِأَمْرِ رَبِّهِ فَهُوَ نَبِيٌّ وَقِيلَ رَسُولٌ وَقِيلَ وَلِيٌّ وَأَغْرَبُ مِنْ هَذَا مَنْ قَالَ كَانَ مَلَكًا قُلْتُ وَقَدْ أَغْرَبَ جِدًّا مَنْ قَالَ هُوَ ابْنُ فِرْعَوْنَ وَقِيلَ إِنَّهُ ابْنُ ضَحَّاكٍ الَّذِي مَلَكَ الدُّنْيَا أَلْفَ سَنَةٍ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ (١) : وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ أَفْرِيدُونَ وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ عَلَى مُقَدَّمَةِ ذِي الْقَرْنَيْنِ الَّذِي قِيلَ إِنَّهُ كَانَ أَفْرِيدُونَ، وَذُو الْفَرَسِ هُوَ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِ الْخَلِيلِ.

وزعموا أنه شرب من ماء الحيوة فَخَلَدَ وَهُوَ بَاقٍ إِلَى الْآنَ.

وَقِيلَ إِنَّهُ مِنْ وَلَدِ بَعْضِ مَنْ آمَنَ بِإِبْرَاهِيمَ وَهَاجَرَ مَعَهُ مِنْ أَرْضِ بَابِلَ وَقِيلَ اسْمُهُ مَلْكَانُ وقيل أرميا بن خلقيا وَقِيلَ كَانَ نَبِيًّا فِي زَمَنِ سَبَاسِبَ بْنِ لَهْرَاسِبَ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَقَدْ كَانَ بَيْنَ أَفْرِيدُونَ وَبَيْنَ سَبَاسِبَ (٢) دُهُورٌ طَوِيلَةٌ لَا يَجْهَلُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَنْسَابِ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ أَفْرِيدُونَ وَاسْتَمَرَّ حَيًّا إِلَى أَنْ أَدْرَكَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَتْ نُبُوَّةُ مُوسَى فِي زَمَنِ مَنُوشِهْرَ الَّذِي هُوَ مِنْ وَلَدِ إِيرَجَ بْنِ أَفْرِيدُونَ أَحَدِ مُلُوكِ الْفُرْسِ وَكَانَ إِلَيْهِ الْمُلْكُ بَعْدَ جَدِّهِ أَفْرِيدُونَ لِعَهْدِهِ وَكَانَ عَادِلًا (٣) وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَنْدَقَ الْخَنَادِقَ وَأَوَّلُ مَنْ جَعَلَ فِي كُلِّ قَرْيَةٍ دِهْقَانًا (٤) وَكَانَتْ مُدَّةُ مُلْكِهِ قَرِيبًا مِنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَيُقَالُ أَنَّهُ كَانَ مِنَ سُلَالَةِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ (٥) وَقَدْ ذُكِرَ عنه من الخطب الحسان والكليم الْبَلِيغِ النَّافِعِ الْفَصِيحِ مَا يُبْهِرُ الْعَقْلَ وَيُحَيِّرُ السَّامِعَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ سُلَالَةِ الْخَلِيلِ.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جائكم رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قال أءقررتم الآية) [آل عمران: ٨٤] .

فَأَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ كُلِّ نَبِيٍّ على أن يؤمن بمن يجئ بعده من الأنبياء وينصره [واستلزم ذلك الإيمان وأخذ الميثاق لمحمد صلى الله عليه وسلم لأنه خاتم الأنبياء فحق على كل نبي أدركه أن يؤمن به


(١) تاريخ الطبري: ١ / ١٨٨.
(٢) في الطبري: يشتاسب في المكانين.
(٣) زاد الطبري ١ / ١٩٥: وكان منوشهر يوصف بالعدل والاحسان وهو أول من جمع آلة الحرب.
(٤) زاد الطبري: وجعل أهلها له خولا وعبيدا والبسهم لباس المذلة وأمرهم بطاعته.
(٥) قال الطبري: وقد زعم بعض أهل الاخبار أنه: منوشهر بن منشخرنر بن افريقيس بن إسحاق بن إبراهيم وقد أنكر الفرس هذا النسب، ولم تقر بالملك لغيرهم.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>