للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لسليمان بن عبد الملك فجلس إلى جنب طاوس فلم يلتفت إليه، فقيل له: جلس إليك [ابن] (١) أمير المؤمنين فلم تلتفت إليه؟ قال: أردت أن يعلم هو وأبوه أن لله عباداً يزهدون فيهم وفيما في أيديهم.

وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ ابن طاوس قال: خرجنا حجاجاً فنزلنا في بعض القرى، وكنت أخاف أبي من الحكام لشدته وغلظه عليهم، قال: وكان في تلك القرية عامل لمحمد بن يوسف - أخي الحجاج بن يوسف - يقال له أيوب بن يحيى، وقيل يقال له ابن نجيح، وكان من أخبث عمالهم كبراً وتجبراً، قال: فشهدنا صلاة الصبح في المسجد، فإذا ابن نجيح قد أخبر بطاوس فجاء فقعد بين يدي طاوس، فسلم عليه فلم يجبه، ثم كلمه فأعرض عنه، ثم عدل إلى الشق الآخر فأعرض عنه، فلما رأيت ما به قمت إليه وأخذت بيده ثم قلت له: إنَّ أبا عبد الرحمن لم يعرفك، فقال طاوس: بلى! إني به لعارف، فقال الأمير: إنه بي لعارف، ومعرفته بي فعلت بي ما رأيت.

ثم مضى وهو ساكت لا يقول شيئاً، فلما دخلت المنزل قال لي أبي: يا لكع، بينما أنت تقول أريد أخرج عليهم بالسيف لم تستطع أن تحبس عنهم لسانك.

وقال أبو عبد الله الشامي: أتيت طاوساً فاستأذنت عليه فخرج إلى ابنه شيخٌ كبيرٌ، فقلت: أنت طاوس؟ فقال: لا! أنا ابنه، فقلت: إن كنت أنت ابنه فإن الشيخ قد خرف، فقال: إن العالم لا يخرف، فدخلت عليه فقال طاوس: سل فأوجز، فقلت: إن أوجزت أوجزت لك، فقال تريد أن أجمع لك في مجلسي هذا التوراة والإنجيل والفرقان؟ قال: قلت: نعم! قال: خف الله مخافة لا يكون عندك شئ أخوف منه، وارجه رجاء هو أشد من خوفك إياه، وأحب للناس ما تحب لنفسك.

وقال الطبراني: حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ.

قَالَ: يجاء يوم القيامة بالمال وصاحبه فيتحاجان، فيقول صاحب المال للمال: جمعتك في يوم كذا في شهر كذا في سنة كذا، فيقول المال: ألم أقض لك الحوائج؟ أنا الذي حلت بينك وبين أن تصنع فيما أمرك الله عزوجل من حبك إياي، فيقول صاحب المال إن هذا الذي نفد على حبال أوثق بها وأقيد، وقال عثمان بن أبي شيبة: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن الضريس، عن أبي سِنَانٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: اجتمع عندي خمسة لا يجتمع عندي مثلهم قط، عطاء وطاووس، ومجاهد وسعيد بن جبير، وعكرمة.

وَقَالَ سُفْيَانُ: قُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يزيد: مع من كنت تدخل على ابن عبَّاس؟ قال: مع عطاء والعامة، وكان طاوس يدخل مع الخاصة، وقال حبيب: قال لي طاوس إذا حدثتك حديثاً قد أثبته فلا تسأل عنه أحداً - وفي رواية فلا تسأل عنه غيري.

وقال أبو أسامة، حدثنا الأعمش، عن عبد الملك بن ميسرة، عن طاوس قال: أدركت


(١) من صفة الصفوة ٢ / ٢٨٧.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>