للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عكرمة: قال ابن عباس: هلك والله القوم جميعاً، قال ابن عباس فالذين أمروا ونهوا نجوا، والذين لم يأمروا ولم ينهوا هلكوا فيمن هلك من أهل المعاصي.

قال: وذلك أهل أيلة - وهي قرية على شاطئ البحر - وكان الله قد أمر بني إسرائيل أن يتفرغوا ليوم الجمعة فقالوا: بل نتفرغ ليوم السبت، لأن الله فرغ من الخلق يوم السبت، فأصبحت الأشياء مسبوتة.

وذكروا قصة أصحاب السبت، وتحريم الصيد عليهم، وأن الحيتان كانت تأتيهم يوم السبت ولا تأتيهم في غيره من الأيام، وذكروا احتيالهم على صيدها في يوم السبت فقال قوم: لا ندعكم تصيدون في يوم السبت ووعظوهم، فجاء قوم آخرون مداهنون فقالوا: (لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً؟) [الاعراف: ١٦٣] قال الناهون (مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يتقون) [الاعراف: ١٦٣] أي ينتهون عن الصيد في يوم السبت.

وقد ذكر عكرمة أنه لما قال لابن عبَّاس إن المداهنين هلكوا مع الغافلين، كساه ثوبين.

وقال حوثرة عن مغيرة عن عكرمة قال: كانت القضاة ثلاثة - يعني في بني إسرائيل - فمات واحد فجعل الآخر مكانه، فقضوا ما شاء الله أن يقضوا فبعث الله ملكاً على فرس فمر على رجل يسقي بقرة معها عجل، فدعا الملك العجل فتبع العجل الفرس، فجاء صاحبه ليرده فقال: يا عبد الله! عجلي وابن بقرتي، فقال الملك: بل هو عجلي وابن فرسي، فخاصمه حتى أعيا، فقال: القاضي بيني وبينك، قال: لقد رضيت، فارتفعا إلى أحد القضاة فتكلم صاحب العجل فقال له: مربي على فرس فدعا عجلي فتبعه فأبى أن يرده، قال: ومع الملك ثلاث درات لم ير الناس مثلها، فأعطى القاضي درة وقال: اقض لي، فقال: كيف يسوغ هذا؟ فقال: نرسل العجل خلف الفرس والبقرة فأيهما تبعها فهو ابنها، ففعل ذلك فتبع الفرس فقضى له.

فقال صاحب العجل: لا أرضى، بيني وبينك القاضي الآخر، ففعلا مثل ذلك، ثم أتيا الثالث فقصا عليه قصتهما، وناوله الملك الدرة الثالثة فلم يأخذها، وقال لا أقضي بينكما اليوم، فقالا: ولم لا تقضي بيننا؟ فقال: لأني حائض، فقال الملك: سبحان الله! رجل يحيض! ؟.

فقال القاضي: سبحان الله! وهل تنتج الفرس عجلاً؟ فقضى

لصاحب البقرة.

فقال الملك: إنكم إنما ابتليتم، وقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك.

وقال أبو بكر بن عياش عن أبي حمزة الثمالي عن عكرمة أن ملكاً من الملوك نادى في مملكته: إني إن وجدت أحداً يتصدق بصدقة قطعت يده، فجاء سائل إلى امرأة فقال: تصدقي علي بشئ فقالت: كيف أتصدق عليك والملك يقطع يد من يتصدق؟ قال: أسالك بوجه الله إلا تصدقت علي بشئ، فتصدقت عليه برغيفين، فبلغ ذلك الملك فأرسل إليها فقطع يديها، ثم إن الملك قال لأمه: دليني على امرأة جميلة لا تزوجها، فقالت: إن ههنا امرأة ما رأيت مثلها، لولا عيب بها، قال: أي عيب هو؟ قالت: مقطوعة اليدين، قال: فأرسلي إليها، فلما رآها أعجبته - وكان لها جمال - فقالت: إن الملك يريد أن يتزوجك: قالت: نعم إن شاء الله، فتزوجها

<<  <  ج: ص:  >  >>