القلوب، والمؤلف غالباً في التراجم يحيل على ما ذكره في التكميل الذي صنفه في أسماء الرجال، وهذا الكتاب لم نقف عليه نحن ولا من سألناه عنه من العلماء، فإنا قد سألنا عنه جماعة من أهل الفن فلم يذكر غير واحد أنه اطلع عليه.
فكيف حل غيرهم؟ وقد ذكرت في غالب التراجم زيادات على ما ذكره المؤلف مما وصلت إليه معرفتي واطلعنا عليه، ولو كان عندي كتب لأشبعت القول في ذلك، إذ الحكمة هي ضالة المؤمن.
ولعل أن يقف على هذا راغب في الآخرة، طالب ما عند الله عزوجل فينتفع به أعظم مما ينتفع به من تراجم الخلف والملوك والأمراء، وإن كانت تلك أيضاً نافعة لمعتير ومزدجر، فإن ذكر أئمة العدل والجور بعد موتهم فيها فضل أولئك، وغم هؤلاء، ليعلم الظالم أنه وإن مات لم يمت ما كان متلبساً به من الفساد والظلم، بل هو مدون في الكتب عند العلماء.
وكذلك أهل العدل والصلاح والخير، فإن الله قد قص في القرآن أخبار الملوك والفراعنة والكفار والمفسدين، تحذيراً من أحوالهم وما كانوا يعملون، وقص أيضاً أخبار الأتقياء والمحسنين والأبرار والأخيار
والمؤمنين، للإقتداء والتأسي بهم والله سبحانه أعلم.
فنقول وبالله التوفيق: أما الحسن فهو أبو سعيد البصري الإمام الفقيه المشهور، أحد التابعين الكبار الإجلاء علماً وعملاً وإخلاصاً فروى ابن أبي الدنيا عنه قال: كان الرجل يتعبد عشرين سنة لا يشعر به جاره، وأحدهم يصلي ليلة أو بعض ليلة فيصبح وقد استطال على جاره، وإن كان القوم ليجتمعون فيتذاكرون فتجئ الرجل عبرته فيردها ما استطاع، فإن غلب قام عنهم.
وقال الحسن: تنفس رجل عند عمر بن عبد العزيز فلكزه عمر - أو قال: لكمه - وقال: أنَّ في هذا لفتنة.
وقد ذكره ابن أبي الدنيا عن الحسن عن عمر بن الخطاب.
وروي الطبراني عنه أنه قال: إن قوماً ألهتهم أماني المغفرة ورجاء الرحمة حتَّى خرجوا من الدنيا وليست لهم أعمال صالحة، يقول أحدهم: إني لحسن الظن بالله، وأرجو رحمة الله، وكذب، لو أحسن الظن بالله لأحسن العمل لله، ولو رجا رحمة الله لطلبها بالأعمال الصالحة يوشك من دخل المفازة من غير زاد ولا ماء أن يهلك.
وروى ابن أبي الدنيا عنه قال: حادثوا هذه القلوب فإنها سريعة الدثور، وأقذعوا هذه الأنفس فإنها تنزع إلى شر غاية.
وقال مالك بن دينار: قلت للحسن: ما عقوبة العالم إذا أحب الدنيا؟ قال: موت القلب، فإذا أحب الدنيا طلبها بعمل الآخرة، فعند ذلك ترحل عنه بركات العلم ويبقى عليه رسمه.
وروي الفتني عن أبيه قال: عاد الحسن عليلاً فوجده قد شفي من علته، فقال: أيُّها الرَّجل إن الله قد ذكرك فاذكره، وقد أقالك فاشكره، ثم قال الحسن: إنما المرض ضربة سوط من ملك كريم، فأما أن يكون العليل بعد المرض فرساً جواداً، وإما أن يكون عثوراً معقوراً.
وروى العتبي عن أبيه أيضاً قال: كتب الحسن إلى فرقد: أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله، والعمل بما علمك الله، والاستعداد لما وعد الله، مما لا