للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي إسناده غرابة وفي متنه نكارة شديدة.

وروى ابن إدريس عن أبيه عن وهب قال: قال موسى: يا رب احبس عني كلام الناس، فقال الله له: يا موسى ما فعلت هذا بنفس: وقال لما دعي يوسف إلى الملك وقف بالباب وقال: حسبي ديني من دنياي، حسبي ربي من خلقه، عز جارك وجل ثناؤك، ولا إله غيرك ثم دخل على الملك، فلما نظر إليه الملك نزل عن سريره وخرَّ له ساجداً ثم أقعده الملك معه على السرير، وقال: (إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مكين أمين) [يوسف: ٥٤] فقال: (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) [يوسف: ٥٥] حفيظ بهذه السنين وما استودعتني فيها، عليم بلغة من يأتيني.

وقال الإمام أحمد: حدثنا منذر بن النعمان الأفطس أنه سمع وهباً يقول: لما أمر الله الحوت أن لا يضره ولا يكلمه - يعني يونس - قال: (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يبعثون) [الصافات: ١٤٣ - ١٤٥] قال: من العابدين قبل ذلك، فذكره الله بعبادته المتقدمة، فلمَّا خرج من البحر نام فأنبت الله شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ - وهو الدباء - فلما رآها قد أظلته ورأى خضرتها فأعجبته، ثم نام فاستيقظ فإذا هي قد يبست، فجعل يتحزن عليها، فقيل له: أنت لم تخلق ولم تسق ولم تنبت وتحزن عليها، وأنا الذي خلقت مائة ألف من النار أو يزيدون ثم رحمتهم فشق ذلك عليك.

وقال الإمام أحمد: حدثنا إبراهيم بن خالد الغساني، حدثنا رباح، حدثني عبد الملك بن عبد المجيد بن خشك، عن وهب قال: لما أمر نوح أن يحمل من كل زوجين اثنين، قال: يا رب

كيف أصنع بالأسد والبقر؟ وكيف أصنع بالعناق والذئب؟ وكيف أصنع بالحمام والهر؟ قال: من ألقى بينهم العداوة؟ قال: أنت يا رب، قال: فإني أؤلف بينهم حتى لا يتضرون.

وقال وهب لعطاء الخراساني: ويحك يا عطاء، ألم أخبر أنك تحمل علمك إلى أبواب الملوك وأبناء الدنيا، وأبواب الأمراء؟ ويحك يا عطاء، أتأتي من يغلق عنك بابه، ويظهر لك فقره، ويواري عنك غناه، وتترك باب من يقول: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) ؟ [غافر: ٦٠] ويحك يا عطاء، إن كان يغنيك ما يكفيك فأوهى ما في الدنيا يكفيك، وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس في الدنيا شئ يكفيك، ويحك يا عطاء، إنما بطنك بحر من البحور، وواد من الاودية، لا يملاه شئ إلا التراب.

وسئل وهب عن رجلين يصليان، أحدهما أطول قنوتاً وصمتاً، والآخر أطول سجوداً، فأيهما أفضل؟ فقال: أنصحهما لله عزوجل.

وقال: من خصال المنافق أن يحب الحمد ويكره الذم، أي يحب أن يحمد على ما لم يفعل، ويكره أن يذم بما فيه.

قال: وقال لقمان لابنه: يا بني اعقل عن الله فإن أعقل الناس من عقل عن الله، وإن الشيطان ليفر من العاقل ما يستطيع أن يكايده.

وقال لرجل من جلسائه: ألا أعلمك طباً لا يتعايا (١) فيه الأطباء، وفقهاً لا يتعايا فيه


(١) يتعايا: من أعيا عليه الامر أي صعب.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>