للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحش ولا خنا ولم يكن رآها قط ولا رأته، وإنما كانت تسمع به ويسمع بها، ويقال: إنها كانت تنذر إن هي رأته أن تذبح جزورا، فلما رأته قالت: وا سوأتاه وا سوأتاه، ولم تبلد له وجهها قط إلا مرة واحدة، فأنشأ يقول:

على وجه مي لمحة من حلاوة … وتحت الثياب العار لو كان باديا (١)

قال فانسلخت من ثيابها فقال:

ألم تر أن الماء يخبث طعمه … وإن كان لون الماء أبيض (٢) صافيا

فقالت: تريد أن تذوق طعمه؟ فقال: إي والله، فقالت: تذوق الموت قبل أن تذوقه.

فأنشأ يقول:

فواضيعة الشعر الذي راح وانقضى … بمي ولم أملك ضلال فؤاديا

قال ابن خلكان: ومن شعره السائر بين الناس ما أنشده:

إذا هبت الأرياح من نحو جانب … به أهل مي هاج شوقي (٣) هبوبها

هوى تذرف العينان منه وإنما … هوى كل نفس أين حل (٤) حبيبها

وأنشد عند الموت:

يا قابض الأرواح في جسمي إذا احتضرت … وغافر الذنب زحزحني عن النار (٥)


(١) البيت في الأغاني ١٨/ ٢٦:
على وجه مي مسحة من ملاحة … وتحت الثياب الخزي …
وفي الخزانة ١/ ١٠٩: الشين.
(٢) في الأغاني: في العين صافيا.
والشعر في ابن سلام ٤٧٦ وأمالي الزجاجي والحماسة ٤/ ٥٣ والشعر والشعراء ٥١٩. وأكثر المصادر على أن البيتين موضوعة على لسان ذي الرمة، وقد أنشدتهما كثيرة ابنة عم لمية من ولد قيس وهي أم سهم بن بردة، وكان ذو الرمة يمتعض من ذلك وحلف بجهد أيمانه أنه ما قالهما.
(٣) في ابن خلكان ٤/ ١٣ وديوانه ٦٦ قلبي.
(٤) في ابن خلكان: حيث كان.
(٥) البيت في الأغاني: ١٨/ ٤٤ وديوانه ص ٦٦٧.
يا مخرج الروح من جسمي إذا احتضرت … وفارج الكرب …

<<  <  ج: ص:  >  >>