للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانتصب للناس فذهب اسمه كل مذهب.

وقال مكي بن عبدان: حدَّثنا محمد بن عبد العزيز بن عبد الله الأوسي، حدثنا مالك بن أنس: أن ابن شهاب سأله بعض بني أمية عن سعيد بن المسيب فذكر علمه بخير وأخبره بحاله، فبلغ ذلك سعيداً فلما قدم ابن شهاب المدينة جاء فسلم على سعيد فلم يرد عليه ولم يكلمه، فلما انصرف سعيد مشى الزهري معه فقال: مالي سلمت عليك فلم تكلمني؟ ماذا بلغك عني وما قلت إلا خيراً؟ قال له: ذكرتني لبني مروان؟.

وقال أبو حاتم: حدثنا مكي بن عبدان حدثنا محمد بن يحيى، حدثني عطاف بن خالد المخزومي، عن عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ ابن شهاب قال: أصاب أهل المدينة حاجة زمان فتنة عبد اللمك بن مروان، فعمت أهل البلد، وقد خيل إلي أنه قد أصابنا أهل البيت من ذلك ما لم

يصب أحداً من أهل البلد، وذلك لخبرتي بأهلي، فتذكرت: هل من أحد أمتُّ إليه برحم أو مودة أرجوا إن خرجت إليه أن أصيب عنده شيئاً؟ فما علمت من أحد أخرج إليه، ثم قلت: إن الرزق بيد الله عزوجل، ثم خرجت حتى قدمت دمشق فوضعت رجلي ثم أتيت المسجد فنظرت إلى أعظم حلقة رأيتها وأكبرها فجلست فيها، فبينا نحن على ذلك إذ خرج رجل من عند أمير المؤمنين عبد الملك، كأجسم الرجال وأجملهم وأحسنهم هيئة، فجاء إلى المجلس الذي أنا فيه فتحثحثوا له - أي أوسعوا - فجلس فقال: لقد جاء أمير المؤمنين اليوم كتاب ما جاءه مثله منذ استخلفه الله، قالوا: ما هو؟ قال: كتب إليه عامله على المدينة هشام بن إسماعيل يذكر أن ابناً لمصعب بن الزبير من أم ولد مات، فأرادت أمه أن تأخذ ميراثاً منه فمنعها عروة بن الزبير، وزعم أنه لا ميراث لها، فتوهم أمير المؤمنين حديثاً في ذلك سمعه من سعيد بن المسيب يذكر عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في أمهات الأولاد، ولا يحفظه الآن، وقد شذ عنه ذلك الحديث.

قال ابن شهاب فقلت: أنا أحدثه به، فقام إلي قبيصة حتى أخذ بيدي ثم خرج حتَّى دخل الدار على عبد الملك فقال: السلام عليك، فقال له عبد الملك مجيباً: وعليك السلام.

فقال قبيصة: أندخل؟ فقال عبد الملك ادخل، فدخل قبيصة على عبد الملك وهو آخذ بيدي وقال: هذا يا أمير المؤمنين يحدثك بالحديث الذي سمعته من ابن المسيب في أمهات الأولاد.

فقال عبد الملك: إيه، قال الزهري فقلت: سمعت سعيد بن المسيب يذكر أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أمر بأمهات الأولاد أن يقوَّمن في أموال أبنائهن بقيمة عدل ثم يعتقن، فكتب عمر بذلك صدراً من خلافته، ثم توفى رجل من قريش كان له ابن من أم ولد، وقد كان عمر يعجب بذلك الغلام، فمرَّ ذلك الغلام على عمر في المسجد بعد وفاة أبيه بليال، فقال له عمر: ما فعلت يا بن أخي في أمك؟ قال: فعلت يا أمير المؤمنين خيراً، خيروني بين أن يسترقُّوا أمي (١) فقال عمر: أو لست إنما أمرت في ذلك بقيمة عدل؟ ما أرى رأياً وما أمرت بأمر إلا قلتم فيه، ثم قام فجلس على المنبر فاجتمع النَّاس إليه حتى إذا رضي من جماعتهم قال: أيها


(١) كذا بالاصل، وفي السياق نقص ظاهر.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>