للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا هو كما قال لا يزيد ولا ينقص (١). وقد رواه الترمذي عن محمود بن غيلان عن أبي داود الطيالسي ثم قال: غريب لا نعرفه إلا من حديث القاسم بن الفضل، وهو ثقة وثقه يحيى القطان وابن مهدي. قال: وشيخه يوسف بن سعد ويقال يوسف بن مازن، رجل مجهول، ولا يعرف هذا بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه. وأخرجه الحاكم في مستدركه من حديث القاسم بن الفضل الحداني، وقد تكلمت على نكارة هذا الحديث في التفسير بكلام مبسوط، وإنما يكون متجها إذا قيل إن دولتهم ألف شهر بأن نسقط منها أيام ابن الزبير، وذلك أن معاوية بويع به مستقلا بالملك في سنة أربعين، وهي عام الجماعة حين سلم إليه الحسن بن علي الامر بعد ستة أشهر من قتل علي، ثم زالت الخلافة عن بني أمية في هذه السنة، وهي سنة ثنتين وثلاثين ومائة، وذلك ثنتان وتسعون سنة، وإذا أسقط منها تسع سنين خلافة ابن الزبير بقي ثلاث وثمانون سنة، وهي مباينة لما ورد في هذا الحديث، ولكن ليس هذا الحديث مرفوعا إلى النبي ، أنه فسر هذه الآية بهذا العدد، وإنما هذا من قول بعض الرواة، وقد تكلمنا على ذلك مطولا في التفسير، وتقدم في الدلائل أيضا تقريره والله أعلم.

وقال علي بن المديني عن يحيى بن سعيد، عن سفيان الثوري، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب أن رسول الله قال: " رأيت بني أمية يصعدون منبري فشق ذلك علي فأنزلت: إنا أنزلناه في ليلة القدر " فيه ضعف وإرسال. وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: ثنا يحيى بن معين، ثنا عبد الله بن نمير، عن سفيان الثوري، عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب في قوله (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) [الاسراء: ٦٠] قال: رأى ناسا من بني أمية على المنابر فساءه ذلك، فقيل له: إنما هي دنيا يعطونها وتضمحل عن قليل فسرى عنه (٢). وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع قال: لما أسري برسول الله رأى فلانا وهو من بعض بني أمية على المنبر يخطب الناس فشق ذلك عليه فأنزل الله (وإن أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين) [الأنبياء: ١١١] وقال مالك بن دينار: سمعت أبا الجوزاء يقول والله ليعزن الله ملك بني أمية كما أعز ملك من كان قبلهم، ثم ليذلن ملكهم كما أذل ملك من كان قبلهم، ثم تلا قوله تعالى: (وتلك الأيام نداولها بين الناس) [آل عمران: ١٤٠]. وقال ابن أبي الدنيا: حدثني إبراهيم بن سعيد، ثنا أبو أسامة، ثنا عمر بن حمزة، أخبرني عمر بن سيف مولى لعثمان بن عفان قال: سمعت سعيد بن المسيب وهو يقول لأبي بكر بن سليمان بن أبي خيثمة - وذكروا بني أمية - فقال: لا يكون هلاكهم إلا بينهم. قالوا كيف؟


(١) رواه البيهقي في الدلائل ٦/ ٥١٠ والترمذي في التفسير. باب تفسير سورة القدر ح (٣٣٥٠)
ص (٥/ ٤٤٤ - ٤٤٥)، ورواه الحاكم في مستدركه وابن جرير الطبري كلهم من حديث القاسم بن الفضل، وفي الحديث: قام رجل إلى الحسن، وليس الحسين وكان ذلك بعد صلحه مع معاوية، فلعل اقحام اسم الحسين في الحديث سهو من الناسخ.
(٢) رواه البيهقي في الدلائل ٦/ ٥٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>