للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفشت سره فهرب من أجل ذلك، وأطلق سراح الأخرى، فأقامت تعبد الله في بعض نواحي تلك المدينة، فمر بها رجل يوما فسمعته يقول بسم الله فقالت له: أنى لك هذا الاسم فقال إني من أصحاب الخضر فتزوجته فولدت له أولادا. ثم صار من أمرها ماشطة بنت فرعون فبينما هي تمشطها إذ وقع المشط من يدها فقالت: بسم الله فقالت ابنة فرعون: أبي؟ فقالت: لا ربي وربك ورب أبيك الله فأعلمت أباها فأمر بنقرة من نحاس، فأحميت ثم أمر بها فألقيت فيه، فلما عاينت ذلك تقاعست أن تقع فيها فقال لها ابن معها صغير يا أمه اصبري فإنك على الحق فألقت نفسها في النار فماتت رحمها الله. وقد روى ابن عساكر عن أبي داود الأعمى نفيع وهو كذاب وضاع عن أنس بن مالك، ومن طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف وهو كذاب أيضا عن أبيه عن جده أن الخضر جاء ليلة فسمع النبي وهو يدعو ويقول: " اللهم أعني على ما ينجيني مما خوفتني وارزقني شوق الصالحين إلى ما شوقتهم إليه فبعث إليه رسول الله أنس بن مالك فسلم عليه فرد عليه السلام وقال: قل له: إن الله فضلك على الأنبياء كما فضل شهر رمضان على سائر الشهور وفضل أمتك على الأمم كما فضل يوم الجمعة على غيره. الحديث (١) وهو مكذوب لا يصح سندا ولا متنا كيف لا يتمثل بين يدي رسول الله ويجئ بنفسه مسلما ومتعلما وهم يذكرون في حكاياتهم وما يسندونه عن بعض مشايخهم أن الخضر يأتي إليهم ويسلم عليهم ويعرف أسماءهم ومنازلهم ومحالهم وهو مع هذا لا يعرف موسى بن عمران كليم الله الذي اصطفاه الله في ذلك الزمان على من سواه حتى يتعرف إليه بأنه موسى بني إسرائيل. وقد قال الحافظ أبو الحسين بن المنادي بعد إيراده حديث أنس هذا وأهل الحديث متفقون على أنه حديث منكر الاسناد، سقيم المتن يتبين فيه أثر الصنعة. فأما الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البيهقي (٢) قائلا: أخبرنا أبو عبد الله


(١) رواه البيهقي في الدلائل ج ٥/ ٤٢٣ ولفظه: أن رسول الله كان في المسجد فسمع كلاما من زاوية وإذا هو بقائل يقول: اللهم أعني على ما ينجيني مما خوفتني، فقال رسول الله حين سمع ذلك: ألا تضم إليها أختها؟ فقال: اللهم ارزقني شوق الصادقين إلى ما شوقتهم إليه. قال رسول الله لانس بن مالك وكان معه: اذهب يا أنس فقل له: يقول لك رسول الله استغفر لي; فجاء أنس فبلغه فقال له الرجل: يا أنس أنت رسول الله إلي؟ فقال كما أنت فرجع فاستثبته، فقال رسول الله قل له: نعم فقال: نعم فقال له: اذهب فقل له فضلك الله .. الحديث. وتمامه على سائر الأيام فذهبوا ينظرون فإذا هو الخضر .
رواه ابن عدي عن كثير بن عبد الله بن عمر بن عوف، عن أبيه عن جده، ورواه الطبراني في الأوسط وأورده جلال الدين السيوطي في اللآلئ المصنوعة ١/ ١٦٤ وختمه بقوله: عبد الله بن نافع ليس بشئ متروك.
وفي المجروحين ٢/ ٢٢١ كثير هذا: منكر الحديث جدا. وقال الشافعي عنه: ركن من أركان الكذب.
(٢) دلائل النبوة ج ٧/ ٢٦٩ وفيه عباد بن عبد الصمد ابن معمر البصري.

<<  <  ج: ص:  >  >>