للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأهواء العصبية وقتاله مع المسلمين في غزواتهم وشهوده جمعهم، وجماعاتهم، ونفعه إياهم، ودفعه الضرر عنهم ممن سواهم وتسديده العلماء، والحكام وتقريره الأدلة، والاحكام أفضل ما يقال عنه من كنونه (١) في الأمصار. وجوبه الفيافي والأقطار. واجتماعه بعباد لا يعرف أحوال كثير منهم، وجعله لهم كالنقيب المترجم عنهم. وهذا الذي ذكرناه لا يتوقف أحد فيه بعد التفهيم والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين (٢) وغيرهما عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى ليلة العشاء ثم قال: " أرأيتم ليلتكم هذه فإنه إلى مائة سنة لا يبقى ممن هو على وجه الأرض اليوم أحد ". وفي رواية " عين تطرف ". قال ابن عمر: فوهل الناس في مقالة رسول الله هذه وإنما أراد انخرام قرنه. قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن الزهري، قال: أخبرني سالم بن عبد الله وأبو بكر بن سليمان بن أبي خيثمة أن عبد الله بن عمر قال: صلى رسول الله ذات ليلة العشاء في آخر حياته فلما سلم قام فقال: " أرأيتم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة لا يبقى ممن على ظهر الأرض أحد " (٣). وأخرجه البخاري ومسلم من حديث الزهري … وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن أبي عدي، عن سليمان التيمي، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله قبل موته بقليل أو بشهر: " ما من نفس منفوسة أو ما منكم من نفس اليوم منفوسة يأتي عليها مائة سنة وهي يومئذ حية " (٤) وقال أحمد: حدثنا موسى بن داود، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر عن النبي أنه قال قبل أن يموت بشهر: " يسألوني عن الساعة وإنما علمها عند الله أقسم بالله ما على الأرض نفس منفوسة اليوم يأتي عليها مائة سنة " (٥). وهكذا رواه مسلم من طريق أبي نضرة وأبي الزبير كل منهما عن جابر بن عبد الله به نحوه. وقال الترمذي: حدثنا عباد، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله : " ما على الأرض من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة ". وهذا أيضا على شرط مسلم … قال ابن الجوزي فهذه الأحاديث الصحاح تقطع دابر دعوى حياة الخضر. قالوا: فالخضر إن لم يكن قد أدرك زمان رسول الله كما هو المظنون الذي يترقى في القوة إلى القطع فلا إشكال. وإن كان قد أدرك زمانه فهذا الحديث يقتضي أنه لم يعش بعد مائة سنة فيكون الآن مفقودا لا موجودا لأنه داخل في هذا العموم والأصل عدم المخصص له


(١) كنون من كن، كن الشئ إذا ستره. وكنونه: تستره وتخفيه.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه ٣/ ٤١/ ١١٦ فتح الباري ومسلم في صحيحه ٤٤/ ٥٣/ ٢١٧.
(٣) أخرجه أحمد في مسنده ج ٢/ ٨٨.
(٤) مسند الإمام أحمد ٣/ ٣٠٥ - ٣٠٦ ومسلم في صحيحه ٤٤/ ٥٣/ ٢١٨.
(٥) مسند الإمام أحمد ج ٣/ ٣٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>