للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بادر إلى مالكٍ ورِّثه * ما المرءُ في الدنيا بلباث كم جامعٍ يخنق أكياسه * قد صار فِي ميزانِ مِيرَاثِ وَلَهُ أَيْضًا: يا ذَا الْغِنَى وَالسَّطْوَةِ الْقَاهِرَهْ * وَالدَّوْلَةِ النَّاهِيَةِ الْآمِرَهْ وَيَا شَيَاطِينَ بَنِي آدمٍ * وَيَا عبيدَ الشَّهْوَةِ الْفَاجِرَهْ انتظروا الدنيا وقد أدبرت * وَعَنْ قَلِيلٍ تلدُ الْآخِرَهْ وَلَهُ أَيْضًا: ابْكِ يا نَفْسُ وَهَاتِي * تَوْبَةً قبلَ الْمَمَاتِ قَبْلَ أَنْ يَفْجَعَنَا الدَّهْ * رُ ببينٍ وَشَتَاتِ

لَا تخونيني إذا متُ * وقامت بي نعاتي إنما الوفي بِعَهْدِي * مَنْ وَفَى بَعْدَ وَفَاتِي قَالَ الصُّولِيُّ.

نَظَرَ ابْنُ الْمُعْتَزِّ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ الْخَلِيفَةِ إِلَى جَارِيَةٍ فَأَعْجَبَتْهُ فَمَرِضَ مِنْ حُبِّهَا، فَدَخَلَ أَبُوهُ عَلَيْهِ عَائِدًا فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ فَأَنْشَأَ يَقُولُ: أَيُّهَا الْعَاذِلُونَ لَا تَعْذِلُونِي * وَانْظُرُوا حسنَ وَجْهِهَا تَعْذُرُونِي وَانْظُرُوا هَلْ ترونَ أحسنَ مِنْهَا * إِنْ رَأَيْتُمْ شَبِيهَهَا فَاعْذِلُونِي قَالَ: فَفَحَصَ الخليفة عن القصة وَاسْتَعْلَمَ خَبَرَ الْجَارِيَةِ ثُمَّ بَعَثَ إِلَى سَيِّدِهَا فاشتراها منه بسبعة آلاف دينار، وبعث بها إلى ولده.

وقد تقدم أَنَّ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ اجتمع الأمراء وَالْقُضَاةُ عَلَى خَلْعِ الْمُقْتَدِرِ وَتَوْلِيَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُعْتَزِّ هَذَا وَلُقِّبَ بِالْمُرْتَضِي وَالْمُنْتَصِفِ بِاللَّهِ، فما مكث بالخلافة إلا يوماً أو بعض يوم، ثم انتصر المقتدر وقتل غالب من خرج عليه واعتقل ابن المعتز عنده في الدار ووكل به مونس (١) الْخَادِمَ فَقُتِلَ فِي أَوَائِلِ رَبِيعٍ الْآخَرِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْهُ، وَيُقَالُ إِنَّهُ أَنْشَدَ فِي آخِرِ يوم من حياته وهو معتل: يَا نَفْسُ صَبْرًا لَعَلَّ الْخَيْرَ عقباكِ * خانتكِ مِنْ بَعْدِ طولِ الْأَمْنِ دُنْيَاكِ مَرَّتْ بِنَا سَحَرًا طَيْرٌ فقلتُ لَهَا * طُوبَاكِ يَا لَيْتَنِي إياكِ طُوبَاكِ إِنْ كانَ قَصْدُكِ شَرْقًا فالسلامُ عَلَى * شَاطِي الصَّرَاةِ ابْلِغِي إِنْ كَانَ مَسْرَاكِ مِنْ موثقٍ بِالْمَنَايَا لَا فكاكَ لَهُ * يَبْكِي الدماءَ عَلَى إلفٍ لَهُ بَاكِي فربَّ آمِنَةٍ جَاءَتْ مَنِيَّتُهَا * وربَّ مُفْلِتَةٍ مِنْ بَيْنِ أَشْرَاكِ أَظُنُّهُ آخرَ الْأَيَّامِ مِنْ عُمُرِي * وأوشكَ اليومَ أن يبكيَ لي الباكي


(١) انظر الحاشية ٤ صفحة ١٢١ (*) .

<<  <  ج: ص:  >  >>