للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَلَفْظُهُ مَخْفِقُ الطَّيْرِ سَبْعُمِائَةِ عَامٍ.

وَقَدْ وَرَدَ فِي صِفَةِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمْرٌ عَظِيمٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) قَالُوا كَانَ مِنْ شِدَّةِ قُوَّتِهِ أَنَّهُ رَفَعَ مَدَائِنَ قَوْمِ لُوطٍ وَكُنَّ سَبْعًا بِمَنْ فِيهَا مِنَ الْأُمَمِ وَكَانُوا قَرِيبًا مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ وَمَا مَعَهُمْ مِنَ الدَّوَابِّ وَالْحَيَوَانَاتِ وَمَا لِتِلْكَ الْمُدُنِ مِنَ الْأَرَاضِي وَالْمُعْتَمَلَاتِ وَالْعِمَارَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ * رَفَعَ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَى طَرَفِ جَنَاحِهِ حَتَّى بَلَغَ بِهِنَّ عَنَانَ السَّمَاءِ حَتَّى سَمِعَتِ الْمَلَائِكَةُ نباح الكلاب وَصِيَاحَ دِيكَتِهِمْ ثُمَّ قَلَبَهَا فَجَعَلَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا فَهَذَا هُوَ شَدِيدُ الْقُوَى.

وَقَوْلُهُ (ذُو مِرَّةٍ) أَيْ خَلْقٍ حَسَنٍ وَبَهَاءٍ وَسَنَاءٍ كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) [الحاقة: ٤٠]

أَيْ جِبْرِيلُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ كَرِيمٌ أَيْ حَسَنُ الْمَنْظَرِ (ذِي قُوَّةٍ) أَيْ لَهُ قُوَّةٌ وبأس شديد (عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ) أَيْ لَهُ مَكَانَةٌ وَمَنْزِلَةٌ عَالِيَةٌ رَفِيعَةٌ عِنْدَ اللَّهِ (ذِي الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) مُطَاعٍ ثَمَّ أَيْ مُطَاعٍ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى أَمِينٍ أَيْ ذِي أَمَانَةٍ عَظِيمَةٍ وَلِهَذَا كَانَ هُوَ السَّفِيرَ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ أَنْبِيَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ الَّذِي يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ بِالْوَحْيِ.

فِيهِ الْأَخْبَارُ الصَّادِقَةُ وَالشَّرَائِعُ الْعَادِلَةُ * وَقَدْ كَانَ يَأْتِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَنْزِلُ عَلَيْهِ فِي صِفَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ كَمَا قَدَّمْنَا.

وَقَدْ رَآهُ عَلَى صِفَتِهِ الَّتِي خَلَقَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا مَرَّتَيْنِ * لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ كَمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ طَلْقِ بْنِ غنام عن زائدة الشَّيْبَانِيِّ قَالَ سَأَلْتُ زِرًّا عَنْ قَوْلِهِ (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (١) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حدَّثنا شَرِيكٌ عَنْ جامع بن رَاشِدٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جبرئيل فِي صُورَتِهِ وَلَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ كُلُّ جَنَاحٍ مِنْهَا قَدْ سدَّ الْأُفُقَ يُسْقِطُ مِنْ جَنَاحِهِ التَّهَاوِيلِ مِنَ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ.

وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى) (٢) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: " رأيت جبريل وله ستمائة جناح ينتشر مِنْ رِيشِهِ التَّهَاوِيلُ الدُّرُّ وَالْيَاقُوتُ ".

وَقَالَ أَحْمَدُ (٣) حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ سَمِعْتُ شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُ جِبْرِيلَ على السدرة الْمُنْتَهَى وَلَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ فَسَأَلْتُ عَاصِمًا عَنِ الْأَجْنِحَةِ فَأَبَى أَنْ يُخْبِرَنِي قَالَ فَأَخْبَرَنِي بَعْضُ أَصْحَابِهِ أَنَّ الْجَنَاحَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ * وَهَذِهِ أَسَانِيدٌ جَيِّدَةٌ قَوِيَّةٌ انْفَرَدَ بِهَا أَحْمَدُ *


(١) مسند أحمد ج ١ / ٤٦٠.
(٢) سورة النجم الآية ١٣.
(٣) مسند أحمد ج ١ / ٤٠٧، والحسين هو بن واقد المروزي أبو عبد الله القاضي ثقة له أوهام.
قاضى مرو، قال ابن المبارك من مثله؟ وثَّقه ابن معين وغيره مات سنة ١٥٩ هـ وقيل سنة سبع وخمسين / تقريب التهذيب ١ / ١٨٠
الكاشف ١ / ١٧٣.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>