للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل لأخي بل مالكي علم بالذي … إليه وإن طال التردد راجع

وإني بيوم واحد من لقائه … علي وإن عظم الموت بايع

ولم يبق إلا دون عشرين ليلة … ويحيى اللقا أبصارنا والمسامع

إلى ملك تعنو الملوك إذا بدا … وتخشع إعظاما له وهو خاشع

كتبت وأشواقي إليك ببعضها … تعلمت النوح الحمام السواجع

وما الملك إلا راحة أنت زندها … تضم على الدنيا ونحن الأصابع

وكان قومه على أخيه سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، فشهد معه مواقف مشهودة محمودة، واستنابه على دمشق مدة، ثم سار إلى مصر فاستنابه على الإسكندرية فلم توافقه، وكانت تعتريه القوالنج فمات في هذه السنة، ودفن بقصر الامارة فيها، ثم نقلته أخته ست الشام بنت أيوب فدفنته بتربتها التي بالشامية البرانية، فقبره القبلي، والوسطاني قبر زوجها وابن عمها ناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه، صاحب حماه والرحبة، والموخر قبرها، والتربة الحسامية منسوبة إلى ولدها حسام الدين عمر بن لاشين، وهي إلى جانب المدرسة من غربها، وقد كان توران شاه هذا كريما شجاعا عظيم الهيبة كبير النفس، واسع النفقة والعطاء، قال فيه ابن سعدان الحلبي:

هو الملك إن تسمع بكسرى وقيصر … فإنهما في الجود والباس عبداه

وما حاتم ممن يقاس بمثله … فخذ ما رأيناه ودع ما رويناه

ولذ بعلاه مستجيرا فإنه … يجيرك من جور الزمان وعدواه

ولا تحمل للسحائب منه إذا … هطلت جودا سحائب كفاه

فترسل كفاه بما اشتق منهما … فلليمن يمناه وليسر يسراه

ولما بلغ موته أخاه صلاح الدين بن أيوب وهو مخيم بظاهر حمص، حزن عليه حزنا شديدا، وجعل ينشد باب المراثي من الحماسة وكانت محفوظة.

وفي رجب منها قدمت رسل الخليفة الناصر وخلع وهدايا إلى الناصر صلاح الدين، فلبس خلعة الخليفة بدمشق، وزينت له البلد، وكان يوما مشهودا. وفي رجب (١) أيضا منها سار السلطان إلى مصر لينظر في أحوالها ويصوم بها رمضان، ومن عزمه أن يحج عامه ذلك، واستناب على الشام ابن أخيه عز الدين فروخ شاه، وكان عزيز المثل غزير الفضل، فكتب القاضي الفاضل عن الملك العادل أبي بكر إلى أهل اليمن والبقيع ومكة يعلمهم بعزم السلطان الناصر على الحج، ومعه صدر الدين أبو القاسم عبد الرحيم شيخ الشيوخ ببغداد، الذي قدم من جهة الخليفة في الرسالة، وجاء


(١) في الكامل ١١/ ٤٦٩: في شعبان.

<<  <  ج: ص:  >  >>