للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأكياس، نشهد أنك لست بإله استحد ثناك، وَلَا رَبٍّ يَبِيدُ ذِكْرُهُ، وَلَا كَانَ مَعَكَ شركاء فَنَدْعُوَهُمْ وَنَذَرَكُ، وَلَا أَعَانَكَ عَلَى خَلْقِنَا أَحَدٌ فَنَشُكَّ فِيكَ، نَشْهَدُ أَنَّكَ أَحَدٌ صَمَدٌ لَمْ يلد ولم يولد وَلَمْ يَكُنْ

لَكَ كُفُوًا أَحَدٌ.

وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ وَمُقَاتِلٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ عن ابن عباس: إن عيسى بن مريم أمسك عن الكلام بعد أن كَلَّمَهُمْ طِفْلًا حَتَّى بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الْغِلْمَانُ ثم أنطقه الله بعد ذلك الحكمة وَالْبَيَانِ فَأَكْثَرَ الْيَهُودُ فِيهِ وَفِي أُمِّهِ مِنَ القول وكانوا يُسَمُّونَهُ ابْنَ الْبَغِيَّةِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً) [النساء: ١٥٦] قَالَ فَلَمَّا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ أَسْلَمَتْهُ أُمُّهُ فِي الْكُتَّابِ فَجَعَلَ لَا يُعَلِّمُهُ الْمُعَلِّمُ شَيْئًا إِلَّا بَدَرَهُ إِلَيْهِ فَعَلَّمَهُ أَبَا جَادٍ فَقَالَ عِيسَى: مَا أَبُو جَادٍ؟ فَقَالَ الْمُعَلِّمُ: لَا أَدْرِي فَقَالَ عِيسَى: كَيْفَ تُعَلِّمُنِي مَا لَا تَدْرِي؟ فَقَالَ الْمُعَلِّمُ: إِذًا فعلِّمني.

فَقَالَ لَهُ عِيسَى: فَقُمْ مِنْ مَجْلِسِكَ، فَقَامَ فَجَلَسَ عِيسَى مَجْلِسَهُ فقال سلني: فقال المعلم ما أَبُو جَادٍ فَقَالَ عِيسَى: الْأَلِفُ آلَاءُ اللَّهِ.

والباء بهاء الله والجيم بَهْجَةُ اللَّهِ وَجَمَالُهُ.

فَعَجِبَ الْمُعَلِّمُ مِنْ ذَلِكَ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ فَسَّرَ أَبَا جَادٍ.

ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ عُثْمَانَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَهُ عَلَى كل كلمة بحديث طويل موضوع لا يسأل ولا يتمادى.

وَهَكَذَا رَوَى ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بن عياش، عن إسمعيل بن يحيى، عن ابن أبي مُلَيْكَةَ عمَّن حدَّثه عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَفَعَ الْحَدِيثَ فِي دُخُولِ عِيسَى إِلَى الْكُتَّابِ وَتَعْلِيمِهِ الْمُعَلِّمَ مَعْنَى حُرُوفِ أَبِي جَادٍ وَهُوَ مُطَوَّلٌ لَا يُفْرَحُ بِهِ.

ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ وَهَذَا الْحَدِيثُ بَاطِلٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ لا يرويه غير اسمعيل، وَرَوَى ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُبَيْرَةَ قال كان عبد الله بن عمر يقول: كان عيسى بن مَرْيَمَ وَهُوَ غُلَامٌ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَكَانَ يَقُولُ لِأَحَدِهِمْ: تُرِيدُ أَنْ أُخْبِرَكَ مَا خَبَّأَتْ لَكَ أُمُّكَ؟ فَيَقُولُ نَعَمْ فَيَقُولُ: خَبَّأَتْ لَكَ كَذَا وَكَذَا.

فَيَذْهَبُ الْغُلَامُ مِنْهُمْ إِلَى أُمِّهِ فَيَقُولُ لَهَا أَطْعِمِينِي مَا خَبَّأْتِ لِي.

فَتَقُولُ وأي شئ خَبَّأْتُ لَكَ؟ فَيَقُولُ كَذَا وَكَذَا.

فَتَقُولُ لَهُ: من أخبرك؟ فيقول عيسى بن مَرْيَمَ.

فَقَالُوا وَاللَّهِ لَئِنْ تَرَكْتُمْ هَؤُلَاءِ الصِّبْيَانَ مَعَ ابْنِ مَرْيَمَ لَيُفْسِدَنَّهُمْ فَجَمَعُوهُمْ فِي بَيْتٍ وَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ، فَخَرَجَ عِيسَى يَلْتَمِسُهُمْ فَلَمْ يَجِدْهُمْ فَسَمِعَ ضَوْضَاءَهُمْ فِي بَيْتٍ فَسَأَلَ عَنْهُمْ فَقَالُوا: إِنَّمَا هَؤُلَاءِ قِرَدَةٌ وَخَنَازِيرُ.

فَقَالَ اللَّهُمَّ كَذَلِكَ فكانوا كذلك رواه ابن عساكر.

وقال إسحق بْنُ بِشْرٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، وَمُقَاتِلٍ عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَكَانَ عِيسَى يَرَى الْعَجَائِبَ فِي صِبَاهُ إِلْهَامًا مِنَ اللَّهِ، فَفَشَا ذلك في اليهود وترعرع عيسى، فهمست بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ، فَخَافَتْ أُمُّهُ عَلَيْهِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى أُمِّهِ أَنْ تَنْطَلِقَ بِهِ إِلَى أَرْضِ مِصْرَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ) [المؤمنون: ٥٠] وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْمُفَسِّرُونَ فِي الْمُرَادِ بِهَذِهِ الرَّبْوَةِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ مِنْ صِفَتِهَا أَنَّهَا ذَاتُ قَرَارٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>