للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حنبل حدثنا بهز حدثنا حماد بن سلمة حدثنا أبو يعلى (١) بن عطاء عن وكيع بن حدس عن عمه أبي رزين لقيط بن عامر العقيلي أنه قال " يا رسول الله أين كان (٢) ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟ قال: كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء (٣) ثم خلق عرشه على الماء " ورواه عن يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة به. ولفظه أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ وباقيه سواء وأخرجه الترمذي عن أحمد بن منيع وابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة ومحمد بن الصباح ثلاثتهم عن يزيد بن هارون، وقال الترمذي حسن. واختلف هؤلاء في أيها خلق أولا؟ فقال قائلون خلق القلم قبل هذه الأشياء كلها، وهذا هو اختيار ابن جرير، وابن الجوزي، وغيرهما قال ابن جرير، وبعد القلم السحاب الرقيق. واحتجوا بالحديث الذي رواه الإمام أحمد، وأبو داود والترمذي عن عبادة بن الصامت : قال قال رسول الله " إن أول ما خلق الله القلم. ثم قال له أكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة " لفظ أحمد (٤). وقال الترمذي حسن صحيح غريب. والذي عليه الجمهور فيما نقله الحافظ أبو العلاء الهمداني وغيره (أن العرش مخلوق قبل ذلك) وهذا هو الذي رواه ابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس كما دل على ذلك الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه (٥). حيث قال: حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو [بن عبد الله بن عمرو] بن السرح حدثنا ابن وهب أخبرني أبو هانئ الخولاني عن أبي عبد الرحمن الجيلي (٦) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله يقول " كتب الله مقادير الخلائق (٧) قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال وعرشه على الماء قالوا فهذا التقدير هو كتابته بالقلم المقادير. وقد دل هذا الحديث أن ذلك بعد خلق العرش فثبت تقديم العرش على القلم الذي كتب به المقادير. وقد دل هذا الحديث أن ذلك بعد خلق العرش فثبت تقديم العرش على القلم الذي كتب به المقادير كما ذهب إلى ذلك الجماهير. ويحمل حديث


(١) مسند أحمد ج ٤/ ١١ و ١٢ وفي الروايتين عن يعلى بن عطاء وليس أبو يعلى.
(٢) قوله أين كان: للسؤال عن المكانة دون المكان كما نص عليه ابن العربي في شرح الترمذي. وفي عماء أي في حجاب معنوي يحول دون العلم به فيتفق الممدود والمقصور في المعنى. قال يزيد بن هارون: عماء أي ليس معه شئ. وهو أجود ما ذكره. وحمل (في) على معنى (على) هنا لا يجدي ولا يبعد الامر عن التمكن.
(٣) ما تحته هواء: قال البيهقي في الأسماء: أي ما تحت السماء هواء، والمراد بالسحاب ليس السحاب المعهود الذي فوقه هواء وتحته هواء بل المراد السحاب المعنوي والحجاب الذي يحجب عن العلم به سبحانه (قاله ابن العربي).
(٤) مسند أحمد ج ٥/ ٣١٧.
(٥) ٤٦ كتاب القدر (٢) باب حجاج آدم صلى الله عليه وآله - ١٦ - ٢٦٥٣ ص ٢٠٤٤.
(٦) عند مسلم: الحبلي.
(٧) كتب الله مقادير الخلائق: قال العلماء: المراد تحديد وقت الكتابة في اللوح المحفوظ أو غيره، لا أصل التقدير. فإن ذلك أزلي لا أول له.

<<  <  ج: ص:  >  >>