للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابه فلم يسعه إلا الانهزام على طريق المرح في طائفة يسيرة، في صحبة عيسى بن مهنا، فسار بهم إلى برية الرحبة فأنزلهم في بيوت من شعر، وأقام بهم وبدوابهم مدة مقامهم عنده، ثم بعث الامراء الذين انهزموا عنه فأخذوا لهم أمانا من الأمير سنجر، وقد نزل في ظاهر دمشق وهي مغلوقة، فراسل نائب القلعة ولم يزل به حتى فتح باب الفرج من آخر النهار، وفتحت القلعة من داخل البلد فتسلمها للمنصور وأفرج عن الأمير ركن الدين بيبرس العجمي المعروف بالحالق، والأمير لاجين حسام الدين المنصوري وغيرهم من الامراء الذين كان قد اعتقلهم الأمير سنقر الأشقر وأرسل سنجر البريدية إلى الملك المنصور يعلمونه بصورة الحال، وأرسل سنجر بثلاثة آلاف في طلب سنقر الأشقر.

وفي هذا اليوم جاء ابن خلكان ليسلم على الأمير سنجر الحلبي فاعتقله في علو الخانقاه النجيبية، وعزله في يوم الخميس العشرين (١) من صفر، ورسم للقاضي نجم الدين بن سنى الدولة بالقضاء فباشره، ثم جاءت البريدية معهم كتاب من الملك المنصور قلاوون بالعتب على طوائف الناس، والعفو عنه كلهم، فتضاعفت له الأدعية، وجاء تقليد النيابة بالشام للأمير حسام الدين لاجين السلحداري المنصوري، فدخل معه علم الدين سنجر الحلبي فرتبه في دار السعادة، وأمر سنجر القاضي ابن خلكان أن يتحول من المدرسة العادلية الكبيرة ليسكنها نجم الدين بن سنى الدولة، وألح عليه في ذلك، فاستدعى جمالا لينقل أهله وثقله عليها إلى الصالحية فجاء البريد بكتاب من السلطان فيه تقرير ابن خلكان على القضاء والعفو عنه وشكره والثناء عليه (٢)، وذكر خدمته المتقدمة، ومعه خلعة سنية له فلبسها وصلى بها الجمعة وسلم على الامراء فأكرموه وعظموه، وفرح الناس به وبما وقع من الصفح عنه.

وأما سنقر الأشقر فإنه لما خرجت العساكر في طلبه فارق الأمير عيسى بن مهنا وسار إلى السواحل فاستحوذ منها على حصون كثيرة، منها صهيون (٣)، وقد كان بها أولاده وحواصله، وحصن بلاطس (٤) وبرزية (٥) وعكار (٦) وجبلة واللاذقية، والشغر (٧) وبكاس وشيزر واستناب فيها


(١) في السلوك ١/ ٦٧٨: حادي عشرين.
(٢) وكان ذلك يوم الأربعاء تاسع عشر ربيع الأول، وكانت مدة ابن سنى الدولة في القضاء عشرين يوما. (السلوك ١/ ٦٧٩).
(٣) صهيون: قلعة حصينة في طرف جبل من أعمال حمص (معجم البلدان).
(٤) من معجم البلدان، وفي الأصل: بلاطس. وهو حصن منيع بسواحل الشام مقابل اللاذقية من أعمال حلب.
(٥) برزيه: وفي هامش السلوك ١/ ٦٨٧: والصحيح برزويه. وهو حصن قرب اللاذقية على سن جبل شاهق (معجم البلدان).
(٦) من تقويم البلدان لأبي الفداء، وفي الأصل: عكا تحريف وقد تقدم.
(٧) الشغر: وفي البداية المطبوعة " الشفر " بالفاء تحريف. وهي قلعة حصينة في مقابله بكأس على رأس جبلين بينهما قرب أنطاكية (معجم البلدان).

<<  <  ج: ص:  >  >>