للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفُقَرَاءَ، تُوُفِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَادِسَ شَعْبَانَ، وَدُفِنَ عِنْدَ جَدِّهِ لِأُمِّهِ ابْنِ الْمُقَدَّمِ، ظَاهَرَ بَابِ الْفَرَادِيسِ.

قَاضِي الْقُضَاةِ شِهَابُ الدِّينِ بْنُ الْخُوَيِّيِّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ قَاضِي الْقُضَاةِ شَمْسِ الدِّينِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ خَلِيلِ بْنِ سَعَادَةَ بْنِ جَعْفَرٍ بْنِ عِيسَى بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ، أَصْلُهُمْ مِنْ خُوَيٍّ، اشْتَغَلَ وَحَصَّلَ عُلُومًا كَثِيرَةً، وَصَنَّفَ كُتُبًا كَثِيرَةً مِنْهَا كِتَابٌ فِيهِ عِشْرُونَ فَنًّا، وَلَهُ نَظْمُ عُلُومِ الْحَدِيثِ وكفاية الْمُتَحَفِّظِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَكَانَ مُحِبًّا لَهُ وَلِأَهْلِهِ، وَقَدْ دَرَّسَ وَهُوَ صَغِيرٌ بِالدَّمَاغيَّةِ، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ الْقُدْسِ، ثُمَّ بَهْسَنَا، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ حَلَبَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمَحَلَّةِ، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ الْقَاهِرَةِ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى قَضَاءِ الشَّامِ مَعَ تَدْرِيسٍ الْعَادِلِيَّةِ وَالْغَزَّالِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا، وَكَانَ مِنْ حَسَنَاتِ الزَّمَانِ وَأَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ، عَفِيفًا نَزِهًا بَارِعًا مُحِبًّا لِلْحَدِيثِ وَعَلْمِهِ وَعُلَمَائِهِ، وَقَدْ خَرَّجَ لَهُ شَيْخُنَا الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا مُتَبَايِنَةَ الْإِسْنَادِ، وَخَرَّجَ لَهُ تقي الدين بن عتبة الأسودي الْإِسْعِرْدِيُّ مَشْيَخَةً عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ، اشْتَمَلَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ وَسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ شَيْخًا.

قَالَ الْبِرْزَالِيُّ: وَلَهُ نحو ثلثمائة شَيْخٍ لَمْ يُذْكَرُوا فِي هَذَا الْمُعْجَمِ، تُوُفِّيَ يَوْمَ الْخَمِيسِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ، عَنْ سَبْعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَدُفِنَ مِنْ يَوْمِهِ بِتُرْبَةِ وَالِدِهِ بِسَفْحِ قَاسِيونَ.

رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

الْأَمِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ الْأَعْمَى نَاظِرُ الْقُدْسِ وَبَانِي كَثِيرًا مِنْ مَعَالِمِهِ الْيَوْمَ، وَهُوَ الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ أَيْدِكِينُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ النَّجْمِيُّ، كَانَ مِنْ أَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ، فَلَمَّا أضر أقام بالقدس الشريف وولى نظره معمره

ومثمره وَكَانَ مَهِيبًا لَا تُخَالَفُ مَرَاسِيمُهُ، وَهُوَ الَّذِي بَنَى الْمَطْهَرَةَ قَرِيبًا مِنْ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم، فانتفع الناس بها بالوضوء وغيره، ووجد بها الناس تيسيراً، وابتنى بِالْقُدْسِ رُبُطًا كَثِيرَةً، وَآثَارًا حَسَنَةً، وَكَانَ يُبَاشِرُ الْأُمُورَ بِنَفْسِهِ، وَلَهُ حُرْمَةٌ وَافِرَةٌ، تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ مِنْهَا.

الْوَزِيرُ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عثمان ابن أبي الرجا (١) التَّنُوخِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ السَّلْعُوسِ، وَزِيرُ الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ، مَاتَ تَحْتَ الضَّرْبِ الَّذِي جَاوَزَ أَلْفَ مِقْرَعَةٍ، فِي عَاشِرِ صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ بِالْقَرَافَةِ، وَقِيلَ إِنَّهُ نُقِلَ إِلَى الشَّامِ بَعْدَ ذَلِكَ.

وَكَانَ ابْتِدَاءَ أَمْرِهِ تَاجِرًا، ثُمَّ وَلِيَ الحسبة بدمشق بسفارة تقي الدين بن تَوْبَةَ، ثُمَّ كَانَ يُعَامِلُ الْمَلِكَ الْأَشْرَفَ قَبْلَ السَّلْطَنَةِ فَظَهَرَ مِنْهُ عَلَى عَدْلٍ وَصِدْقٍ، فَلَمَّا ملك بعد أبيه


(١) في البداية المطبوعة: الرجال تصحيف.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>