بِالْمَنْعِ مِنْ رَمْيِ الْبُنْدُقِ، وَأَنْ لَا تُبَاعَ قسيها وَلَا تُعْمَلَ، وَذَلِكَ لِإِفْسَادِ رُمَاةِ الْبُنْدُقِ أَوْلَادَ النَّاسِ، وَأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى مَنْ تَعَانَاهُ اللِّوَاطُ وَالْفِسْقُ وَقِلَّةُ الدِّينِ، وَنُودِيَ بِذَلِكَ فِي الْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ.
قَالَ الْبِرْزَالِيُّ: وَفِي نِصْفِ شَعْبَانَ أَمَرَ السُّلْطَانُ بِتَسْلِيمِ الْمُنَجِّمِينَ إِلَى وَالِي الْقَاهِرَةِ فضربوا وحبسوا لِإِفْسَادِهِمْ حَالَ النِّسَاءِ، فَمَاتَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ تَحْتَ العقوبة، وثلاثة من المسلمين ونصراني، وكتب إلي بذلك الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الرَّحْبِيُّ.
وَفِي أَوَّلِ رَمَضَانَ وصل البريد بتولية الأمير فخر الين ابن الشَّمْسِ لُؤْلُؤٍ وِلَايَةَ الْبَرِّ بِدِمَشْقَ بَعْدَ وَفَاةِ شِهَابِ الدِّينِ بْنِ الْمَرْوَانِيِّ، وَوَصَلَ كِتَابٌ مِنْ مَكَّةَ إِلَى دِمَشْقَ فِي رَمَضَانَ يَذْكُرُ فِيهِ أنها وَقَعَتْ صَوَاعِقُ بِبِلَادِ الْحِجَازِ فَقَتَلَتْ جَمَاعَةً مُتَفَرِّقِينَ فِي أَمَاكِنَ شَتَّى، وَأَمْطَارٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَجَاءَ الْبَرِيدُ فِي رَابِعِ رَمَضَانَ بِتَوْلِيَةِ الْقَاضِي مُحْيِي الدين بن جميل قَضَاءَ طَرَابُلُسَ فَذَهَبَ إِلَيْهَا، وَدَرَّسَ ابْنُ الْمَجْدِ عَبْدُ اللَّهِ بِالرَّوَاحِيَّةِ عِوَضًا عَنِ الْأَصْبِهَانِيِّ بِحُكْمِ إِقَامَتِهِ بِمِصْرَ.
وَفِي آخِرِ رَمَضَانَ أُفْرِجَ عَنِ الصاحب علاء الدين وأخيه شمس الدين موسى بن التاج إِسْحَاقَ بَعْدَ سَجْنِهِمَا سَنَةً وَنِصْفًا.
وَخَرَجَ الرَّكْبُ الشَّامِيُّ يَوْمَ الْخَمِيسِ عَاشِرَ شَوَّالٍ وَأَمِيرُهُ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ مَعْبَدٍ وَقَاضِيهِ عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ منصور مدرّس الحنفية بِمَدْرَسَةِ تَنْكِزَ، وَفِي الْحُجَّاجِ صَدْرُ الدِّينِ الْمَالِكِيُّ، وَشِهَابُ الدِّينِ الظَّهِيرِيُّ، وَمُحْيِي الدِّينِ بْنُ الْأَعْقَفِ وَآخَرُونَ وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ ثَالِثَ عَشْرَهُ دَرَّسَ بِالْأَتَابِكِيَّةِ ابْنُ جُمْلَةَ عِوَضًا عَنِ ابْنِ جَمِيلٍ تَوَلَّى قَضَاءَ طَرَابُلُسَ، وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ عِشْرِينِهِ حَكَمَ الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ كَامِلٍ التَّدْمُرِيُّ، الَّذِي كَانَ فِي خَطَابَةِ الْخَلِيلِ بِدِمَشْقَ نِيَابَةً عَنِ ابْنِ جُمْلَةَ، وَفَرِحَ النَّاسُ بِدِينِهِ وَفَضِيلَتِهِ.
وَفِي ذِي الْقِعْدَةِ مَسَكَ تَنْكِزُ دَوَادَارَهُ ناصر الدين محمد، وَكَانَ عِنْدَهُ بِمَكَانَةٍ عَظِيمَةٍ جِدًّا، وَضَرَبَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ضَرْبًا مُبَرِّحًا، وَاسْتَخْلَصَ مِنْهُ أَمْوَالًا كَثِيرَةً، ثم حسبه بِالْقَلْعَةِ ثُمَّ نَفَاهُ إِلَى الْقُدْسِ، وَضَرَبَ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ مُقَلَّدٍ حَاجِبُ الْعَرَبِ، وَقَطَعَ لِسَانَهُ مَرَّتَيْنِ، وَمَاتَ وَتَغَيَّرَتِ الدَّوْلَةُ وَجَاءَتْ دَوْلَةٌ أُخْرَى مُقَدَّمُهَا عِنْدَهُ حَمْزَةُ الذي كان سميره وعشيره في هذه المدة الأخيرة، وانزاحت النعمة عن الدوادار نَاصِرِ الدِّينِ وَذَوِيهِ وَمَنْ يَلِيهِ.
وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ ثَامِنِ عِشْرِينَ ذِي الْقِعْدَةِ رُكِّبَ عَلَى الكعبة باب حديد أرسله السلطان مرصعاً من البسط (١) الْأَحْمَرِ كَأَنَّهُ آبِنُوسٌ، مُرَكَّبٌ عَلَيْهِ صَفَائِحُ مِنْ فضة زنتها خمسة وثلاثون ألفاً وثلثمائة وَكَسْرٍ، وَقُلِعَ الْبَابُ الْعَتِيقُ، وَهُوَ مِنْ خَشَبِ الساج (٢) ، وعليه صفائح تسلمها بنو
(١) كذا بالاصل، وفي تذكرة النبيه ٢ / ٢٤٦: السنط، والسنط قرظ ينبت في الصعيد، وهو أجود حطب يستوقد به الناس (لسان العرب) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute