للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه بالجامع، ودفن بتربته بميدان الحصا، وتأسف الناس عليه لرياسته وديانته وأخلاقه وإحسانه إلى كثير من الناس .

وفي يوم الأحد الرابع والعشرين من المحرم وصل تقليد قضاء المالكية للقاضي جمال الدين المسلاتي الذي كان نائبا للقاضي شرف الدين قبله، وخلع عليه من آخر النهار. وفي شهر ربيع الأول أخذوا لبناء الجامع المجدد بسوق الخيل، أعمدة كثيرة من البلد، فظاهر البلد يعلقون ما فوقه من البناء ثم يأخذونه ويقيمون بدله دعامة وأخذوا من درب الصيقل وأخذوا العمود الذي كان بسوق العلبيين الذي في تلك الدخلة على رأسه مثل الكرة فيها حديد، وقد ذكر الحافظ ابن عساكر أنه كان فيه طلسم لعسر بول الحيوان إذا داروا بالدابة ينحل أراقيها، فلما كان يوم الأحد السابع والعشرين من ربيع الأول من هذه السنة قلعوه من موضعه بعد ما كان له في هذا الموضع نحوا من أربعة آلاف سنة والله أعلم. وقد رأيته في هذا اليوم وهو ممدود في سوق العلبيين على الأخشاب ليجروه إلى الجامع المذكور من السوق الكبير، ويخرجوا به من باب الجابية الكبير فلا إله إلا الله.

وفي أواخر شهر ربيع الآخر ارتفع بناء الجامع الذي أنشأه النائب وجفت العين التي كانت تحت جداره حين أسسوه ولله الحمد.

وفي سلخ ربيع الآخر وردت الاخبار من الديار المصرية بمسك (١) جماعة من الأعيان الأمراء كالحجازي وآقسنقر الناصري، ومن لف لهما، فتحرك الجند بالشام ووقعت خبطة، ثم استهل شهر جمادى الأولى والجند في حركة شديدة، ونائب السلطنة يستدعي الأمراء إلى دار السعادة بسبب ما وقع بالديار المصرية، وتعاهد هؤلاء على أن لا يؤذي أحد، وأن يكونوا يدا واحدة، وفي هذا اليوم تحول ملك الأمراء من دار السعادة إلى القصر الأبلق واحترز لنفسه، وكذلك حاشيته. وفي يوم الأربعاء الرابع عشر منه قدم أمير من الديار المصرية على البريد ومعه كتاب من السلطان فيه التصريح بعزل ملك الأمراء يلبغا نائب الشام، فقرئ عليه بحضرة الأمراء بالقصر الأبلق، فتغمم لذلك وساءه، وفيه طلبه إلى الديار المصرية على البريد ليولى نيابة الديار المصرية،


(١) في السلوك ٢/ ٧٢٩: " قتلا وذلك عصر يوم الأحد تاسع عشر ربيع الآخر، وأمسك الأمير بزلار، والأمير صمغار، والأمير أيتمش عبد الغني، زاد ابن دقماق في الجوهر الثمين ٢/ ١٩١: وقرابغا القاسمي.
وأشار المقريزي وابن تغردي بردى في النجوم الزاهرة ١٠/ ١٥٨ إلى سبب قتلهما ومسك الآخرين قال: وسبب ذلك أن السلطان لما أخرج اتفاق (العوادة) وغيرها من عنده، وتشاغل عنهن بالحمام، وصار يحضر إلى الدهيشة الأوباش، وتلعب بالعصا لعب صباح ويحضر الشيخ علي بن الكسيح مع حظاياه، فيسخر له، وينقل له أخبار الناس. فشق ذلك على الأمراء .. (وتحدثوا بالامر) فاشتد حنقه وأطلق لسانه (أي السلطان) وكان الأمير غرلو قد تمكن منه فأعلمه بما وقع فوقع في الأمراء وهونهم عليه وجسره على الفتك بهم والقبض على النائب "
- الدهيشة: قاعة كبيرة مرتفعة البناء، كانت مفروشة بأنواع البسط والمقاعد الزركش، بناها الملك الصالح إسماعيل بن محمد بن قلاوون سنة ٧٤٥ هـ. (السلوك ٢/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>