للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاسلام، وهو التوحيد أن يعبد الله وحده لا شريك له كما قال الله تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا يوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) [الأنبياء: ٢٥] وقال تعالى: (واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون) [الزخرف: ٤٥] وقال تعالى: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة) الآية [النحل: ٣٦]. فأولاد العلات أن يكون الأب واحدا والأمهات متفرقات، فالأب بمنزلة الدين وهو التوحيد والأمهات بمنزلة الشرائع في اختلاف أحكامها كما قال تعالى: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) [المائدة: ٤٨] وقال: (لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه) [الحج: ٦٧] وقال: ولكل وجهة هو موليها) [البقرة: ١٤٨] على أحد القولين في تفسيرها.

والمقصود أن الشرائع وإن تنوعت في أوقاتها إلا أن الجميع آمرة بعبادة الله وحده، لا شريك له وهو دين الاسلام الذي شرعه الله لجميع الأنبياء، وهو الدين الذي لا يقبل الله غيره يوم القيامة، كما قال تعالى: (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) [آل عمران: ٨٥] وقال تعالى: (ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين. إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) [البقرة: ١٣٠ - ١٣١] وقال تعالى: (إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا) الآية [المائدة: ٤٤]. فدين الاسلام هو عبادة الله وحده لا شريك له، وهو الاخلاص له وحده دون ما سواه، والاحسان أن يكون على الوجه المشروع في ذلك الوقت المأمور به، ولهذا لا يقبل الله من أحد عملا بعد أن بعث محمدا على ما شرعه له كما قال تعالى: (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا) [الأعراف: ١٥٨] وقال تعالى: (وأوحى إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ) [الانعام: ١٩] وقال تعالى: (ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده) [هود: ١٧]. وقال رسول الله : " بعثت إلى الأحمر والأسود " (١). قيل أراد العرب والعجم. وقيل الإنس والجن: وقال : " والذي نفسي بيده، لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم " (٢) والأحاديث في هذا كثيرة جدا. والمقصود أن أخوة


(١) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب المساجد ح ٣ وأحمد في مسنده ١/ ٢٥٠، ٣٠١، ٤/ ٤١٦، ٥/ ١٤٥، ١٤٨، ١٦٢ مطولا. والدارمي في سننه، كتاب السير (٢٨) عن جابر بن عبد الله، والبخاري في (٨) كتاب الصلاة (٥٦) باب.
وأبو داود عن أبي ذر في كتاب الصلاة باب: في المواضع التي لا تجوز فيها الصلاة. ١/ ١٣٢ مختصرا.
(٢) أخرجه الدارمي في سننه مقدمة ٣٩ وأحمد في مسنده ج ٣/ ٤٧١، ٤/ ٢٦٦ عن عبد الله بن ثابت وفي آخره: " انكم حظي من الأمم وأنا حظكم من النبيين ".

<<  <  ج: ص:  >  >>