للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَتْبُهُمُ الْقَوَانِينَ الَّتِي وَضَعَتْهَا لَهُمُ الْأَسَاقِفَةُ الثَّلَاثُمِائَةِ وَالثَّمَانِيَةَ عَشَرَ (١) فَكُلُّ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ ابْتَدَعُوهَا وَوَضَعُوهَا في أيام قسطنطين بن قسطن بَانِي الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ وَكَانَ زَمَنُهُ بَعْدَ الْمَسِيحِ بِثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ وَكَانَ أَبُوهُ أَحَدَ مُلُوكِ الرُّومِ وَتَزَوَّجَ أُمَّهُ هِيلَانَةَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ لِلصَّيْدِ مِنْ بِلَادِ حَرَّانَ وَكَانَتْ نَصْرَانِيَّةً عَلَى دِينِ الرَّهَابِينَ الْمُتَقَدِّمِينَ فَلَمَّا وُلِدَ لَهَا مِنْهُ قُسْطَنْطِينُ الْمَذْكُورُ تعلم الفلسفة وبهر فيها وصار فيه ميل بعض الشئ إِلَى النَّصْرَانِيَّةِ الَّتِي أُمُّهُ عَلَيْهَا، فَعَظَّمَ الْقَائِمِينَ بها بعض الشئ وَهُوَ عَلَى اعْتِقَادِ الْفَلَاسِفَةِ، فَلَمَّا مَاتَ أَبَوْهُ وَاسْتَقَلَّ هُوَ فِي الْمَمْلَكَةِ سَارَ فِي رَعِيَّتِهِ سِيرَةً عَادِلَةً فَأَحَبَّهُ النَّاسُ، وَسَادَ فِيهِمْ وَغَلَبَ عَلَى مَلِكِ الشَّامِ بِأَسْرِهِ مَعَ الْجَزِيرَةِ، وَعَظُمَ شَأْنُهُ وَكَانَ أَوَّلَ الْقَيَاصِرَةِ.

ثُمَّ اتَّفَقَ اخْتِلَافٌ في زمانه بين النصارى ومنازعة بين بترك الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ إِكْصَنْدَرُوسَ وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ عُلَمَائِهِمْ يُقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَرْيُوسَ فَذَهَبَ إِكْصَنْدَرُوسَ إِلَى أَنَّ عِيسَى ابْنُ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِ وَذَهَبَ ابْنُ أَرْيُوسَ إِلَى أَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَاتَّبَعَهُ عَلَى هَذَا طائفة من النصارى، واتفق الأكثرون الأخسرون على قول بتركهم وَمَنْعِ ابْنِ أَرْيُوسَ مِنْ دُخُولِ الْكَنِيسَةِ هُوَ وأصحابه فهذب يستعدي على اكصندروس وأصحابه، إلى ملك قُسْطَنْطِينَ فَسَأَلَهُ الْمَلِكُ عَنْ مَقَالَتِهِ فَعَرَضَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَرْيُوسَ مَا يَقُولُ فِي الْمَسِيحِ مِنْ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَاحْتَجَّ على ذلك فحال إِلَيْهِ وَجَنَحَ إِلَى قَوْلِهِ فَقَالَ لَهُ قَائِلُونَ فَيَنْبَغِي أَنْ تَبْعَثَ إِلَى خَصْمِهِ فَتَسْمَعُ كَلَامَهُ فَأَمَرَ الْمَلِكُ بِإِحْضَارِهِ وَطَلَبَ مِنْ سَائِرِ الْأَقَالِيمِ كل أسقف وكل من عنده في دين النَّصرانية وجمع البتاركة الْأَرْبَعَةَ مِنَ الْقُدْسِ وَأَنْطَاكِيَةَ وَرُومِيَّةَ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّةَ فَيُقَالَ إِنَّهُمُ اجْتَمَعُوا فِي مُدَّةِ سَنَةٍ وَشَهْرَيْنِ مَا يَزِيدُ عَلَى أَلْفَيْ أُسْقُفٍ فَجَمَعَهُمْ فِي مَجْلِسٍ

وَاحِدٍ وَهُوَ الْمَجْمَعُ الْأَوَّلُ مِنْ مَجَامِعِهِمُ الثَّلَاثَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَهُمْ مُخْتَلِفُونَ اخْتِلَافًا مُتَبَايِنًا مُنْتَشِرًا جِدًّا.

فَمِنْهُمُ الشِّرْذِمَةُ عَلَى الْمَقَالَةِ الَّتِي لَا يُوَافِقُهُمْ أَحَدٌ مِنَ الْبَاقِينَ عَلَيْهَا فَهَؤُلَاءِ خَمْسُونَ عَلَى مَقَالَةٍ.

وَهَؤُلَاءِ ثَمَانُونَ عَلَى مَقَالَةٍ أُخْرَى.

وَهَؤُلَاءِ عَشَرَةٌ عَلَى مَقَالَةٍ وَأَرْبَعُونَ عَلَى أُخْرَى وَمِائَةٌ عَلَى مَقَالَةٍ وَمِائَتَانِ عَلَى مَقَالَةٍ وَطَائِفَةٌ عَلَى مَقَالَةِ ابْنِ أَرْيُوسَ وَجَمَاعَةٌ عَلَى مَقَالَةٍ أُخْرَى فَلَمَّا تَفَاقَمَ أَمْرُهُمْ وَانْتَشَرَ اخْتِلَافُهُمْ حَارَ فِيهِمُ الملك قسطنطين مع أنه سئ الظَّنِّ بِمَا عَدَا دِينَ الصَّابِئِينَ مِنْ أَسْلَافِهِ الْيُونَانِيِّينَ فَعَمَدَ إِلَى أَكْثَرِ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ عَلَى مقالة من مقالاتهم فوجدهم ثلثمائة وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ أُسْقُفًا قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى مَقَالَةِ إِكْصَنْدَرُوسَ وَلَمْ يَجِدْ طَائِفَةً بَلَغَتْ عِدَّتَهُمْ فَقَالَ هَؤُلَاءِ أَوْلَى بِنَصْرِ قَوْلِهِمْ لِأَنَّهُمْ أَكْثَرُ الْفِرَقِ فَاجْتَمَعَ بِهِمْ خُصُوصًا وَوَضْعَ سَيْفَهُ وَخَاتَمَهُ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرَ الْفِرَقِ قَدِ اجْتَمَعْتُمْ على مقالتكم هذه


= - إن اشتغال النفس بطلب اللذات، إنما هو مسلم لكن في حق النفوس الضعيفة أما النفوس المستعلية الكاملة فإنها لا يكون استعمالها في الاعمال الحسية مانعا لها من الاستكمال بالسعادات العقلية ; فالرهبانية الخالصة دليل على نوع من الضعف والقصور.
- إن من استوفى اللذات الحسية كان غرضه منها الاستعانة بها على استيفاء اللذات العقلية.
- الرهبانية التامة توجب خراب الدنيا وانقطاع الحرث والنسل.
١١ / ٧٠ - ٧١.
(١) في المجمع السكوني الاول.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>