للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ بِهِ مُطَوَّلًا.

وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (١) مِنْ حَدِيثِ رَوْحٍ وَغُنْدُرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إنَّ عِفْرِيتًا (٢) مِنَ الجنِّ تفلَّت عليَّ الْبَارِحَةَ " أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا (٣) لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلاة فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) قَالَ رَوْحٌ فردَّه خَاسِئًا * وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِدْرِيسَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم يُصَلِّي فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ: " أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ " ثُمَّ قَالَ: " أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ ثَلَاثًا " وَبَسَطَ يَدَهُ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ قلنا يارسول اللَّهِ قَدْ سَمِعْنَاكَ تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ شَيْئًا لَمْ نَسْمَعْكَ تَقُولُهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَرَأَيْنَاكَ بَسَطْتَ يَدَكَ فَقَالَ: " إِنْ عَدُوَّ اللَّهِ إِبْلِيسَ جَاءَ بشهاب من نار ليجمله (٤) فِي وَجْهِي فَقُلْتُ: " أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ ".

ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

ثُمَّ

قُلْتُ: أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ التَّامَّةِ فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ ثمَّ أَرَدْتُ أَخْذَهُ وَاللَّهِ لَوْلَا دَعْوَةُ أَخِينَا سُلَيْمَانَ لَأَصْبَحَ مُوثَقًا يَلْعَبُ بِهِ وِلْدَانُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ".

وَقَالَ تَعَالَى (فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) (٥) يعني الشيطان وقال تَعَالَى (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) فَالشَّيْطَانُ لَا يَأْلُو الْإِنْسَانَ خَبَالًا جَهْدَهُ وَطَاقَتَهُ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَحَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ كَمَا صَنَّفَ الحافظ أبو بكر بن أبي الدنيا كِتَابًا فِي ذَلِكَ سمَّاه (مَصَائِدَ الشَّيْطَانِ) .

وَفِيهِ فَوَائِدُ جمَّة.

وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ.

وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ.

وَرَوَيْنَا فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ قَالَ (يَا رَبِّ وَعِزِّكَ وَجَلَالِكَ لَا أَزَالُ أُغْوِيهِمْ مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَلَا أَزَالُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي) وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (٦) فوعد الله هو الحق المصدق وَوَعْدُ الشَّيْطَانِ هُوَ الْبَاطِلُ.

وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: " إن للشيطان للمة بِابْنِ آدَمَ وَلِلْمَلَكِ لَمَّةً.

فَأَمَّا لَمَّةُ الشَّيْطَانِ


(١) سورة ص الآية ٣٥.
(٢) العفريت: العاتي المارد من الجن.
(٣) عند مسلم.
يفتك علي: والفتك الاخذ في غفلة وخديعة.
(٤) عند مسلم: ليجعله.
(٥) سورة لقمان الآية ٣٣.
(٦) سورة البقرة الآية ٢٦٨.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>