إِنْ شِئْتَ أَلْهَمْتَ كَمَا تُرِيدْ * لِمَوْضِعِ الْحِلْيَةِ وَالْحَدِيدْ فَبَيِّنِ الْيَوْمَ لِمَا تُرِيدْ * إِنِّي نَذَرْتُ العاهد المعهودا أجعله رب لي فَلَا أَعُودْ قَالَ وَضَرَبَ صَاحِبُ الْقِدَاحِ فَخَرَجَ الأصفران على الغزالين لِلْكَعْبَةِ، وَخَرَجَ الْأَسْوَدَانِ عَلَى الْأَسْيَافِ وَالْأَدْرَاعِ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَتَخَلَّفَ قَدَحَا قُرَيْشٍ.
فَضَرَبَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ الأسياف باباً للكعبة، وضرب في الباب الغزالين من ذهب فكان أول ذهب حلية للكعبة فيما يزعون.
ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ أَقَامَ سِقَايَةَ زَمْزَمَ لِلْحَاجِّ وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ أَنَّ مَكَّةَ كَانَ فِيهَا أَبْيَارٌ كَثِيرَةٌ قَبْلَ ظُهُورِ زَمْزَمَ فِي زَمَنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ثُمَّ عَدَّدَهَا ابْنُ إِسْحَاقَ وَسَمَّاهَا وَذَكَرَ أَمَاكِنَهَا مِنْ مَكَّةَ وَحَافِرِيهَا إِلَى أَنْ قَالَ فَعَفَتْ زَمْزَمُ عَلَى الْبِئَارِ كُلِّهَا وَانْصَرَفَ النَّاسُ كُلُّهُمْ إِلَيْهَا لِمَكَانِهَا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَلِفَضْلِهَا عَلَى مَا سِوَاهَا مِنَ الْمِيَاهِ وَلِأَنَّهَا بِئْرُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَافْتَخَرَتْ بِهَا بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ عَلَى قُرَيْشٍ كُلِّهَا وَعَلَى سَائِرِ الْعَرَبِ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ إِسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال فِي زَمْزَمَ: إِنَّهَا لَطَعَامُ طُعْمٍ.
وَشِفَاءُ سُقْمٍ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ماء زمزم لما شرب منه.
وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ وَقَدْ تكلَّموا فِيهِ وَلَفْظُهُ مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ.
وَرَوَاهُ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عن عبد الرحمن بن أبي الموالي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ.
وَلَكِنْ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ ضَعِيفٌ وَالْمَحْفُوظُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ كَمَا تقدَّم وَقَدْ رَوَاهُ الْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَهَكَذَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا وَالْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ إِذَا شَرِبْتَ مِنْ زَمْزَمَ فَاسْتَقْبِلِ الْكَعْبَةَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَتَنَفَّسْ ثَلَاثًا وَتَضَلَّعْ مِنْهَا فَإِذَا فَرَغْتَ فَاحْمَدِ اللَّهَ فإنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ آيَةَ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُنَافِقِينَ لَا يَتَضَلَّعُونَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ.
وَقَدْ ذُكر عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أُحِلُّهَا لِمُغْتَسِلٍ وَهِيَ لِشَارِبٍ حِلٌّ وَبِلٌّ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَنِ العبَّاس بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي جَدَّدَ حَفْرَ زَمْزَمَ كَمَا قَدَّمْنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ قَالَ الْأُمَوِيُّ فِي مَغَازِيهِ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يُحَدِّثُ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ هَاشِمٍ حِينَ احْتَفَرَ زَمْزَمَ.
قَالَ: لَا أُحِلُّهَا لِمُغْتَسِلٍ وَهِيَ لِشَارِبٍ حِلٌّ وَبِلٌّ.
وَذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ لَهَا حَوْضَيْنِ حَوْضًا لِلشُّرْبِ، وَحَوْضًا لِلْوُضُوءِ.
فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ: لَا أُحِلُّهَا لِمُغْتَسِلٍ لِيُنَزِّهَ الْمَسْجِدَ عَنْ أَنْ يُغْتَسَلَ فِيهِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: قَوْلُهُ وَبِلٌّ إِتْبَاعٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَالْإِتْبَاعُ لَا يَكُونُ بِوَاوِ الْعَطْفِ وَإِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ إِنَّ بِلَّ بِلُغَةِ حِمْيَرَ مُبَاحٌ ثُمَّ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النجود أنه سمع زرا أَنَّهُ سَمِعَ الْعَبَّاسَ يَقُولُ: لَا أُحِلُّهَا لِمُغْتَسِلٍ وَهِيَ لِشَارِبٍ حِلٌّ وَبِلٌّ.
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلْقَمَةَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ